السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

السلحفاة النووية مكانك راوح؟

راجح الخوري
A+ A-

حديث جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف عن التوصل الى "إنجاز جوهري" في فيينا، بعد ستة ايام من المفاوضات المضنية حول الملف النووي، مجرد محاولة لإضفاء ملامح ايجابية على نتيجة تندرج في خانة راوح مكانك، بمعنى انه ليس ممكناً الحديث عن فشل المفاوضات التي تجهد في مسيرة ماراتونية منذ عشرة اعوام، وليس متاحاً الحديث عن اتفاق او حتى الاقتراب من اتفاق، باستثناء تمديد فترة التفاوض سبعة اشهر جديدة!
المفاوضات من مسقط الى فيينا جرت استناداً الى "الاتفاق المرحلي" الذي كان قد وقّع في جنيف في النصف الثاني من تشرين الثاني العام الماضي، ومدد للمرة الأولى في تموز الماضي على أمل التوصل الى اتفاق نهائي كان يراد إنجازه في ٢٤ الشهر الجاري.
المفاوضات حصلت على تمديد جديد ينتهي في تموز من السنة المقبلة، ومن الواضح انه لم يكن مقبولاً الإعلان عن التمديد لو تم إعلان الفشل صراحة، ولهذا فإن الحديث الايراني - الاميركي عن الإنجازات كان ضرورياً لتبرير هذا التمديد!
الاشهر السبعة المقبلة لن توفّر فرصاً للنجاح اكثر من السابق، وخصوصاً بعد الانتخابات التي فرضت هيمنة مطلقة للجمهوريين على الكونغرس الاميركي، بما يعني ان باراك اوباما الذي يراهن على اتفاق مع ايران يمحو تاريخ فشله الكبير في السياسة الخارجية قد لا يحصل على هذه الفرصة اليتيمة!
مع انتهاء المفاوضات في فيينا الاثنين، دعا بعض اعضاء الكونغرس الى التصويت على عقوبات جديدة ضد طهران، التي تنوء تحت مروحة خانقة من عقوبات سابقة اميركية وأممية واوروبية، وذلك على خلفية انه "يفترض استعمال التمديد لتضييق الخناق على طهران".
صحيح ان الكونغرس لا يستطيع ان يقيّد الرئيس ويمنعه من المضي نحو الاتفاق، وصحيح ايضاً انه لا يستطيع الانخراط في سياسة عضّ الأصابع مع كونغرس يضيّق عليه الخناق في آخر عهده، لذا لا يمكن الرهان على التوصل الى اتفاق في الأشهر المقبلة، ولن يكون مستغرباً ان تبقى طبخة البحص النووي على نار التخصيب الايراني الذي لم يتوقف يوماً كما قال ظريف، وهو ما يقرّب طهران من انتاج سلاح نووي ومن عدوان اسرائيلي ويدفع بدول المنطقة الى سباق نووي مفتوح.
الخلاف في فيينا راوح حول نقطتين محوريتين، أي "التلازم والتزامن"، فايران تريد ان ترفع كل العقوبات عنها بالتلازم مع توقيع الاتفاق، والدول الغربية تريد ان ترفع العقوبات تدريجاً بالتزامن مع تنفيذ طهران بنود الاتفاق وروزنامته، والخلاف الأعمق لا يتوقف عند نسب تخصيب الاورانيوم بل يتصل بالآليات المشترطة للرقابة الدولية المفاجئة والكيفية، ليس على المفاعلات النووية فحسب بل على معامل الصواريخ التي يمكن ان تحمل رؤوساً نووية... ومكانك راوح!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم