السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

مراجعة مُوجعة!

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

الانطباع الذي عُدت به من جولتي على بعض قدامى "المحاربين"، من زملاء وسياسيّين ومحلّلين، يحملني على الاعتقاد أن زمن المغامرات المفتوحة في الملعب اللبناني السائب بدأ يلملم أطرافه استعداداً للجلاء والرحيل. وإلى غير رجعة، مع التحفّظ دائماً.
وفي الأسباب المُوجبة عودة إلى تاريخ الحروب والأزمات والخضّات الحرزانة في لبنان، معزَّزة بالأمثلة والوقائع التي أتينا على ذكرها وتفاصيلها مراراً وتكراراً، ولم يبقَ ما يستحقّ السرد والترديد:
من أزمة تأليف حكومة الرئيس رشيد كرامي أواخر الستينات، إلى أزمة انتخاب رئيس جديد يخلف الرئيس إميل لحود استمرت ستة أشهر، ودُعِّمت بغزوة 7 أيار، فكان مؤتمر الدوحة والاتفاق الذي عاد اللبنانيون منه برئيس للجمهوريّة، وقانون انتخاب، وحكومة اتحاد وطني برئاسة سعد الحريري.
وقبل هذا وذاك فراغات "حروب الآخرين" والحروب القذرة التي استمرّت 17 عاماً، إلى أن كان مؤتمر الطائف الذي وضع "نهاية سعيدة" لتلك المآسي والكوارث، مكلَّلة باتفاق ميثاقي شامل ودستور جديد لا يزال معظمه ممنوعاً من التنفيذ.
وطبعاً كان انتخاب رئيس للجمهورية بعد فراغ طويل، ثم حصل ما حصل وما لا يحتاج إلى إعادة سرد للتفاصيل...
ما يُقلق في استعادة الأحداث القريبة والبعيدة التي مرّ بها لبنان، ولا يزال إلى الساعة يتخبّط في أزمة تمتّ إليها بصلة وطيدة لجهة الحَسَب والنَسب، وما يُقلق أن هذا البلد لم يعرف الاستقرار والحياة الطبيعيّة منذ أمد بعيد.
بل قد لا يتردّد الواحد منا أحياناً في العودة إلى ما بعد الاحتلال العثماني وحكمه الجائر، مروراً بالانتداب الفرنسي، وقبله بـ"حراسة" الدول السبع، بلوغاً الاستقلال التام والناجز، والذي لم يتمكّن من منح هذا الوطن الصغير فرصة حقيقيّة طويلة الأمد للملمة جراحه، وترتيب أوضاعه، وصياغة دولته الحديثة ومؤسساتها، ومواطنيها.
وهنا، تحديداً، بيت الداء: المواطن الذي لم يتكوّن والوطن الذي لم يتمكّن لبنان من بنائه. وللعوامل والأسباب ذاتها التي تحول منذ سبعة أشهر دون انتخاب رئيس للجمهورية.
ولكن، هل اتّعظ أمراء الحروب وديوك الساحة؟
إنها لمسيرة شاقّة، وقصة فيها الكثير من العناصر التي تجعلها أغرب من الخيال...
على أن هذه المراجعة المُوجعة بدلالاتها لم تمنع قدامى "المحاربين"، أو معظمهم، من الترجيح أن يشهد لبنان خلال الأسابيع المقبلة علامات واضحة المعالم تشير إلى أن الانفراج الرئاسي أصبح احتمالاً وارداً.
وما كان يسود المناخ السياسي من كباشات، وتوتّرات ضبابيّة تسود مختلف الحقول والمناسبات، قد اقترب من النهايات.
هل تعني هذه "القراءات" أن لبنان سيُطلق سراحه وسراح الاستحقاق الذي طال الشوق إليه؟ انتظروا لتروا.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم