الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هيغل... استقالة ام اقالة؟

المصدر: واشنطن - النهار
هشام ملحم
هشام ملحم
A+ A-

قدم وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل، في خطوة مفاجئة استقالته للرئيس باراك اوباما الذي قبلها، وذلك بعد ضغوط تعرض لها من مسؤولين في البيت الابيض ومجلس الامن القومي، ما أوحى بان رحيل هيغل، الجمهوري الوحيد في الحكومة والذي يأتي عقب هزيمة الحزب الديموقراطي في الانتخابات النصفية، هو اقالة أكثر مما هو استقالة.


على الرغم الثناء العلني الذي اسبغه اوباما على هيغل خلال الاعلان عن الاستقالة في البيت الابيض، وعلى رغم قول بعض المسؤولين بان رحيل هيغل هو نتيجة "لقرار مشترك" بين اوباما وهيغل، الا انه كان من الواضح ان الخلافات السياسية بين هيغل والبيت الابيض وخصوصاً حول كيفية مواجهة تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) والموقف من نظام بشار الاسد في سوريا، وانزعاج بعض المسؤولين في مجلس الامن القومي من ادائه ومواقفه، قد تضافرت للتعجيل برحيله بعد اقل من سنتين في وزارة الدفاع حفلتا بالازمات الامنية الخارجية.


واعلن اوباما الاستقالة في كلمة القاها في البيت الابيض حيث احاط به هيغل ونائب الرئيس جو بايدن، ووضع اوباما الاستقالة في سياق انجاز هيغل لمهمته الاساسية، اي الاشراف على خفض القوات الاميركية في افغانستان، وتعديل موازنة الوزارة، وتحديث القوات المسلحة لمواجهة " الاخطار البعيدة المدى وقت نواجه التحديات الانية المتمثلة بالدولة الاسلامية (داعش) وفيروس الايبولا" . واشار الى ان هيغل ناقش معه الشهر الماضي الوضع في اخر سنتين في ولايته وقرر انه بعدما قاد الوزارة خلال هذه الفترة الانتقالية " قرر ان الوقت بات مناسبا له لانهاء خدمته".


من جهته شكر هيغل الرئيس اوباما على تعيينه، وقال ان خدمته وزيراً للدفاع كانت "اعظم امتياز احصل عليه في حياتي". وبدا هيغل حزينا، بعينين مغرورقتين بالدمع وهو يحاول الابتسام بصعوبة وألم واضحين. وبدا وجه بايدن وكأنه صنم.


وقال مسؤولون في تسربات صحافية ان اوباما اتخذ قراره بالتخلص من هيغل الجمعة الماضي بعد سلسلة من الاجتماعات الثنائية خلال الاسبوعين الماضيين. واضاف هؤلاء ان الاستقالة-الاقالة تعكس ادراك البيت الابيض ان الخطر الذي يمثله "داعش" يتطلب مهارات وخبرات تختلف عن تلك التي يملكها هيغل.


وتتركز التكهنات على من سيخلف هيغل فلي هذا المنصب الحساس على بعض المسؤولين الذين خدموا في الوزارة في السابق بينهم ميشيل فلورنيو التي خدمت وكيلة للوزارة، وآشتون كارتر النائب السابق للوزير، وعلى السناتور الديموقراطي جاك ريد المتخرج من كلية ويست بوينت العسكرية. ويعتقد ان اوباما الذي واجه بعض المشاكل مع وزيري الدفاع السابقين اللذين خدماه: روبرت غيتس وليون بانيتا، واللذين كتبا مذكرات انتقدا فيهما اسلوب ادارة السياسة الخارجية والامنية واحتكار البيت الابيض ومجلس الامن القومي للقرارات السياسية والعسكرية الكبيرة، لا يريد ان يعين وزير دفاع في آخر سنتين له في الحكم تكون له شخصية قوية، ويمكن ان يختلف مع المستشارين المحيطين به.


وكان هيغل قد بعث قبل اسابيع بمذكرة الى مستشارة الامن القومي سوزان رايس طلب فيها اعتماد استراتيجية واضحة حيال الرئيس بشار الاسد في سوريا، وهو امر لم يلق الترحيب في البيت الابيض، كما ان هيغل لم يستبعد ان تؤدي الغارات التي يقوم بها الائتلاف ضد داعش في سوريا الى تعزيز وضع النظام السوري دون قصد.


ويذكر ان هيغل كان اول مسؤول بارز يتحدث علنا عن "الخطر المباشر "والفريد من نوعه الذي يمثله "داعش" على مصالح واشنطن وحلفائها، وتحديدا قوله ان هذا " خطرا أكبر من أي شيء شهدناه في السابق". وجاء ذلك بعد ان قلل اوباما في مطلع السنة من خطر التنظيم المتطرف، معتبرا انه تهديد ثانوي. ويعتقد ان هيغل يوافق على تقويم كبار العسكريين و من بينهم رئيس هيئة الاركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي على ان خيار قيام القوات الاميركية في العراق بدور مباشر اكثر في العمليات العسكرية مع الجيش العراقي يجب ان يناقش بجدية أكثر، وهو أمر لا يوافق عليه اوباما، الامر الذي دفع البعض للتكهن بان الاستقالة-الاقالة تهدف الى بعث رسالة في هذا الشأن الى المسؤولين الاخرين في وزارة الدفاع.


وتميز اداء هيغل منذ البداية بالتعثر والتردد والارتباك، وهذا ما بدا للجميع خلال شهادة المصادقة عليه امام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، حيث واجه سيلا من الانتقادات والاسئلة العدائية حتى من زملائه الجمهوريين، رد عليها بضعف وبغموض حيث ارتكب بعض الاخطاء المحرجة. ولكن المشكلة الكبرى التي واجهها هيغل كانت في استحالة اختراقه لذلك الجدار السميك الذي بناه اوباما حوله في البيت الابيض والمشكل من مجموعة صغيرة من المساعدين المقربين منه، وبينهم سوزان رايس ومدير البيت الابيض دينيس ماكدونا، وهي المجموعة التي تصر على احتكار صنع القرار دون العودة الى المسؤولين البارزين في الوزارات الاساسية. وابلغ مثال على ذلك كان في قرار اوباما في صيف 2013 التراجع عن قراره توجيه ضربة عسكرية عقابية لنظام الاسد في سوريا عقب استخدامه للاسلحة الكيميائية ضد شعبه، حيث اتخذ اوباما قراره بعد ان "تمشى" مع دينيس ماكدونا في حديقة البيت الابيض. بعدها تم ابلاغ الجنرال ديمبسي، وزير الخارجية جون كيري وتشاك هيغل، بالقرار على انه نهائي.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم