الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ارهاب "داعش" يتكرر بصورة هوليودية: فنون جديدة في الذبح والتوحش

المصدر: "النهار"
محمد نمر
A+ A-

تلاحق أجهزة المخابرات الالكترونية الغربية فيديو "ولو كره الكافرون". انه اصدار جديد لتنظيم "الدولة الاسلامية" تم انتاجه بالاسلوب الهوليودي المعتاد ولعب فيه دور البطولة "الداعشي"، صاحب الزي الأسود وذابح الرهائن الأميركيين، مستهلاً الفيديو بالأحداث التي أدت إلى قيام "الخلافة الاسلامية" منذ دخول الجيش الأميركي إلى العراق، مروراً بأحداث سوريا وأخيراً ضربات التحالف، ليكمل باعدامه ضباطاً وطيارين من النظام السوري ويختم بإظهار رأس الرهينة الأميركي بيتر كاسيغ بين قدمي الداعشي "بلا جسد".


أكثر من 15 دقيقة مصوّرة بأحدث التقنيات، أراد منها التنظيم اكمال حملته في رفع معنويات عناصره وحاضنته الشعبية، مستغلاً مرة جديدة المباعيات الخمس له من الجزائر وليبيا ومصر واليمن وجزيرة العرب (السعودية)، ما يؤشر إلى مدى الضعف الذي طاله جراء ضربات التحالف التي عطلت مسيرة أهدافه كدخول بغداد والامتداد أكثر في سوريا، خصوصا ان المراقبين اجمعوا على أن لا قيمة للمبايعات الاخيرة بسبب ابتعادها عن ارض التنظيم وصعوبة وصول اي دعم لها، في ظل وجود دول لا تزال حتى اليوم قادرة على فرض الاستقرار، بعكس سوريا والعراق اللتين كانت تعمهما الفوضى.
صورة للدولة التي باتت فيها جماعات بايعت البغدادي، هي الصورة الاولى التي نراها في الفيديو، اضافة للاشارة إلى روما التي وعد البغدادي بالوصول اليها، وبعدها الصين والهند، لتظهر كلمة المشرق وتنتقل بعدها العين سريعاً إلى المغرب، في إشارة إلى طمع التنظيم في السيطرة على العالم، معتمداً على حديث نبوي نقله عن "المسلم" يقول: "إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها "، ويفسره وفقا لاهوائه.


من "جماعة التوحيد" إلى "الخلافة"


الترجمة بالانكليزية واضحة لما يقوله الراوي في الفيديو الذي يستهدف الغرب في شكل أساسي. صور لحرب العراق ولتواجد عناصر الجيش الأميركي، ويبدأ الراوي بسرد المراحل التي مرّ فيها التنظيم، بأنه في الوقت الذي أعلنت فيه أميركا النصر في العراق "كان ابناء الاسلام يعدون العدة للمعركة" ولقتل الاميركيين فشكلوا كتائب منها "جماعة التوحيد والجهاد" التي أسسها الشيخ أبو مصعب الزرقاوي العام 2003، بايع بعدها بعام زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن، معلناً عن تنظيم "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين". انضوى بعدها الأخير، بحسب ما يذكر الراوي، وعدد من الفصائل تحت مظلة "مجلس شورى المجاهدين"، وذلك في العام 2006 وعيّن أنذاك الشيخ عبد الله ابن رشيد البغدادي مسؤولا عن المجلس.


قُتل ابو مصعب الزرقاوي، فحمل الراية بعده الشيخ ابو حمزة المهاجر، وفي العام 2006 أعلن عن حلف المطيبين الذي جمع بين "مجلس شورى المجاهدين" وعشائر أهل السنة وبعض الفصائل. في العام نفسه أُعلن قيام "دولة العراق الاسلامية" وزوال كل الفصائل وانضمامها إلى هذا التنظيم بمن فيهم "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين"، وتمت مبايعة الشيخ أبو عمر الحسيني القرشي البغدادي أميراً للمؤمنين وتعيين الشيخ المهاجر وزيراً للحرب الذين قتلا في غارة "صليبية"، بحسب الراوي، فاجتمع على تعيين ابو بكر الحسيني القرشي البغدادي اميراً للمؤمنين. وهو من يشغل العالم بارهابه.
انتقل الراوي بعدها للحديث عن بداية الثورة السورية، وانه بسبب الظلم الذي لاحظته الدولة الاسلامية في العراق هناك، تقرر ارسال عناصر إلى سوريا لترد على النظام السوري، فأجمع حينها على ضرورة الظهور العلني في "الساحة الشامية"، فأعلن الاسم الجديد للتنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" وذلك عام 2013، ويقول الراوي انه بعد السيطرة على مساحات شاسعة أعلن في العام 2014 قيام "الخلافة الاسلامية" ومبايعة البغدادي أميرا للمؤمنين وخليفة للمسلمين، ليصبح المسمى الجديد "الدولة الاسلامية".


ذبح جماعي بصوت السكاكين


خصص التنظيم في اصداره، دقائق لبغداد، منتقداً الممارسة الدينية الخاصة بالطائفة الشيعية (عاشوراء)، ليقتبس الراوي مقولة قال انها لـ"الامام المالك"، تقول: "لا يُجلس في ارض يُسب فيها ابو بكر وعمر". انتقل بعدها إلى انجازات حققتها "الدولة الاسلامية"، ثم إلى ضربات الطيران السوري للمدنيين، لتكون مقدمة تمهيدية لعرض عملية "الذبح الجماعي" لضباط وجنود النظا السوري.


أطل أحد الداعشيين ببذة عسكرية، يقول: "لن ننسى حولا وبانياس والغوطة"، ليعلن بذالك بداية المشهد الهوليودي. مجموعة من الداعشيين، تم اختيار كل واحد منهم من بلد، يسير أحدهم خلف الآخر بخطى متوازنة. المسافة بينهم واحدة، يدهم اليمنى تمسك أحد عناصر الجيش السوري الذي اتخذوا الوضعية نفسها في سيرهم (الانحناء). سريعاً انتقلت الصورة إلى الداعشي الذي يقود المجموعة. إنه "ذابح الرهائن"الأجنبي نفسه، بزيه الأسود ولغته الانكليزية (البريطانية). لا أحد يتكلم انه صوت الأقدام وهي تخبط على الأرض بهدوء، بهدف توتير المشاهد. اقترب الطابور من صندوق خشبي، جُهزت فيه مجموعة من السكاكين (خناجر عسكرية)، وبالدور مر كل واحد منهم امام الصنوق ومعه رهينته، يمسك بسكينه ويكمل الطريق، حيث تم التركيز على صوت سحب السكاكين سكينا تلو الآخر.


مجرى لسيل الدماء


أجبر الرهائن على الركوع امام "خبراء الذبح والاجرام"، انهم صف واحد، القدم بجانب الاخرى. نطق "ذابح الرهائن" الشهير متوجها الى الرئيس الاميركي باراك اوباما قائلا: "اليوم نذبح جنود بشار وغدا سنذبح جنودك وباذن الله ستكسر هذه الحملة الصليبية الاخيرة والنهائية وقريبا كما قال دميتك ديفيد كاميرون ستبدأ الدولة الاسلامية بذبح قومك في شوارعكم".


لا أصوات ولا اناشيد، بدأت الكاميرا تتنقل بين وجوه الرهائن، لاظهار ملامحهم وهم ينتظرون الموت. أحدهم ينظر بحقد، وآخر يتلو الشهادة... انها "بسم الله" واحدة وانتقل الجميع إلى وضعية الذبح. باتت الرؤس بجانب بعضها وصفا واحدا أمام مجرى صغير، خصص لسيل الدماء. الصورة سوداء. فقط صوت سكاكين وانفاس. ينظر "ذابح الرهائن" الملثم إلى الكاميرا، وبعدها يكمل ذبحه، إلى أن فصلت الرؤوس عن الأجساد، والدماء تسيل في المجرى، لتنتهي صورة هذا المشهد برؤوس الجنود فوق الأجساد.


رأس كاسيغ


عدنا إلى المبايعات الخمس التي اعتبرها زعيم "القاعدة" ايمن الظواهري "باطلة"، لنتفاجىء بعدها برأس الرهينة الأميركي بيتر كاسيغ وهو بين قدمي "الذابح" الذي قال بالانكليزية: "انه بيتر كاسيغ ابن بلدكم، بيتر قاتل المسلمين في العراق وكان يعمل جنديا في الجيش الاميركي، وليس لديه شيء يقوله، حيث تكلم اصحابه ممن سبقه إلى الموت نيابة عنه"... ويكمل: "ننتظر بلهفة مجىء بقية جيوشكم لتذبح او تدفن هنا".


انها حلقة جديدة من مسلسل اجرام "الدولة الاسلامية" الذي لم يدرك أنه رغم كل ما يبث وينشر، ورغم كل ما يقوم به من ذبح واعتداء واجرام، لن يتوقف العالم عن مواجهته والقضاء على هذه الجرثومة الارهابية، بل سيزيده اصراراً على دفن هذا التنظيم في مزبلة التاريخ.


[email protected]
Twitter: @mohamad_nimer

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم