الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

باطل الأباطيل

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

قيل في غابر الأزمنة إن الكحل أفضل من العمى. وقد أثبتت الأيام والتجارب أن هذا القول لم تتزعزع صدقيّته في مختلف الأزمات والخضّات والحروب التي عاشها لبنان، ولا يزال اللبنانيّون يَرفُلون بنِعَمها.
التمديد لمجلس النواب الذي لم يَشِلْ ولن يشيلٍ الزير من البير، يظلُّ أفضل من فراغ إضافي في المؤسّسات الدستوريّة، وفي حقبة لم تعرف المنطقة العربيّة أسوأ منها، لا قبل الاستقلالات ولا خلالها، ولا بعدها.
فكيف إذا كان الحال في الدول العربيّة الأساسيّة على ما هو من حروب وتدمير وتفكّك، وتعرّض لأسوأ الاحتمالات والنتائج، وخصوصاً بعد سطوع نجم "داعش" وتنظيمات التكفيريّين... مما أدخل القلق والرعب إلى القصور والسرايات في دول الغرب والشرق معاً...
سواء أكانت التطوّرات الداخليّة والخارجيّة هي التي شاءت، أم إن تعلُّق بعضهم بهوى رئاسة الجمهوريّة هو الذي حال ولا يزال يحول دون لبنان وملء الفراغ الرئاسي.
كثيرون هم الذين ألحّوا علينا أن نسأل النواب بالجملة والمفرَّق عن الأسباب الحقيقيّة، أو الأسباب الواقعيّة الدستوريّة الميثاقيّة التي تمنعهم من إضافة بند آخر إلى جدول أعمال جلسة التمديد السعيد... ينصّ على وجوب إجراء انتخاب رئيس للجمهوريّة في الجلسة ذاتها؟
وما هي الموانع التي تحُول دون إتمام عمليّة الانتخاب، ما دام النِصاب سيكون مكتملاً لإتمام التمديد؟
الجميع، بمن فيهم الذين يطرحون هذا السؤال، يعلمون أن العوامل الفعليّة والحقيقيّة لم تعُد خافية لا على قريب ولا على بعيد.
فمن جهة يطلُّ عامل إصرار الجنرال عون على رفض "مرشّح التوافق" إن لم يقع الاختيار عليه، ومن جهة أخرى تحاول دول إقليميّة كإيران مثلاً أن تقول للدول الغربيّة الكبرى أنا هنا صاحبة الكلمة الفصل في المنطقة... والرئاسة اللبنانيّة من جملة اهتماماتي. بل في مقدّمها.
وإلى كلام كثير بهذا الخصوص، يصبُّ بمجمله في صحن القائلين إن الرئيس اللبناني يُصنع بتدخّلات خارجيّة، ويشترك فيها أكثر من مرجع وصاحب كلمة مسموعة.
وإذا كان هذا التصوّر، أو التحليل، أو الاعتقاد، في غير محلّه، فليكن الجواب ساطعاً ومدوّياً في جلسة الأربعاء... مما يُلغي كل هذه "الهرطقات" والادعاءات التي تُجافي حقيقة الأمر الواقع.
لن يطمئن اللبنانيّون، ولن تستقرَّ أحوالهم، ولن تهجرهم الهواجس والأفكار السوداوية، ما لم يُعلن من ساحة النجمة، الأربعاء أو الخميس أو الشهر المقبل، نبأ انتخاب الرئيس اللبناني الجديد الذي يُدخل اسمه الارتياح إلى النفوس والقلوب والعقول.
ما عدا ذلك، باطل الأباطيل، كل شيء باطل وقبضُ ريح.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم