الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

توفيت شقيقته... لكي يعيش هو (خاص "النهار")

سلوى أبو شقرا
A+ A-

هو ابن الأربعة أشهر الذي أخذته والدته لدى طبيب الأطفال لإجراء تلقيح له، فقال لها الطبيب إنَّ حجم رأس الطفل صغير ولا يشبه الحجم الطبيعي. فطلب منها إجراء صورة شعاعية (scanner) للكشف عن السبب. لتتفاجأ بأنَّ ابنها ولِد بجمجمة مقفلة وهو يعاني من ضمور دماغي، وبقاء الجمجمة على حالها سيمنع دماغه من النمو. لم تترك الوالدة طبيباً إلاَّ والتجأت إليه، وجميعهم قالوا إنَّ "الحل يكمن في إجراء عملية جراحية". فوجدت الوالدة أنَّ هذا الحل هو الأنسب.


 


جمجمة شقيقته كانت مقفلة


هذا التشوه ليس الوحيد في هذه العائلة التي سبق أن خسرت ابنتها البكر التي كانت تبلغ من العمر أربع سنوات جراء المشكلة نفسها. ولكن حينها لم ينتبه أحد إلى أن هذه الطفلة كانت تعاني من تشوه خلقي في دماغها، أو إذا ما كانت جمجمتها مقفلة أم لا، إلى أن حصلت لها نوبة كهرباء كانت كفيلة بموتها. هذه الحادثة الأليمة دفعت بالأم إلى أخذ الحيطة والانتباه في كل مرَّة تنجب فيها. فهي أمٌّ لأربعة أولاد، خسرت منهم البكر، وها هي تعاني مع الصغير، في حين أنَّ الولدين الآخرين في صحة جيدة. تقول الأم إنَّ "القرابة بينها وبين زوجها ممكن أن تكون السبب في ولادة أولادها بتشوه خلقي". وتخبر كيف مرَّت بصعوبات وتوترات نفسية، بحيث عانت سابقاً ولا ترغب في خوض التجربة نفسها مرة أخرى. وخلال العملية التي خضع لها الطفل، والتي أجريت خلال ساعتين في مستشفى السلام في طرابلس تاريخ 15 تشرين الأول كانت لحظات الخوف والقلق والرجاء، إلى أن بشَّر الطبيب الأهل بنجاح العملية. واليوم، خرج الطفل من غرفة العناية الفائقة ولكنه لا زال يخضع للمراقبة.


 


تفاصيل العملية


"يولد الأطفال كافة بجمجمة غير مكتملة وغير مقفلة، وتكون الفتحة في الجمجمة من الأمام أو من الخلف، وغير ملتصقة على بعضها جيداً، كي تسمح في المجال للدماغ أن يكبر لغاية عمر الـ 4 سنوات، فإذا كانت الجمجمة مقفلة يحول ذلك دون تطور حجم الدماغ"، بحسب ما يشير الدكتور عماد الشهال، الاختصاصي في جراحة الدماغ والأعصاب في حديث لـ "النهار". ويتابع: "إنَّ العملية التي أجريت للطفل ذي الأربعة أشهر كانت عبارة عن "توسيع جمجمة" إذ إنَّه وُلد بجمجمة مقفلة، ما يعتبر تشوهاً جينياً، وما من نظرية علمية تشرح سبب هذا الخلل في التكوين".


وكان الطبيب المعالج للطفل الدكتور صبحي خشان (طبيب صحة عامة) قد اكتشف التشوه، وأفاد الأهل بضرورة إجراء عملية جراحية لتصحيحه. فأجريت الجراحة بالاشتراك ما بين الطبيبين المتخصصين في جراحة الدماغ والأعصاب د.عماد الشهال ود. نسيم أبي شاهين في مستشفى السلام في طرابلس. وفي التفاصيل، يشير الدكتور الشهال إلى أنَّه "تمَّ ابتكار فتحات في الجمجمة للسماح لها بالنمو مع نمو الدماغ". لافتاً إلى أنَّ "هذه العملية لا تؤثر في الدماغ إذ لم يخضع الدماغ للجراحة بل تمَّت الجراحة على عظام الجمجمة". ويشرح قائلاً: "تمَّ إجراء العملية، من خلال إزالة جزء من الجلد ووضعه جانباً، ثمَّ تم قصُّ مجموعة من العظام، وتباعاً، أوجدنا فتحة اصطناعية للجمجمة لتتوسع. واستعملت مادة سوداء، وهي مادة خاصة توضع على غلاف الدماغ الموجود أسفل العظام، والمسمى Dura، بحيث تقوم هذه المادة بوقف النزيف. وهذا لجعل العظام تقترب من بعضها، الأمر الذي يحتاج إلى سنة أو أكثر كي تتمكن هذه العظام من الالتحام بشكل نهائي، ما يسمح للدماغ بالنمو".


ويضيف: "التشوه الذي يصيب رأس الأطفال يسمَّى عادةً Craniosynostosis، وهو ليس نادراً بل يحصل لكثيرين، حيث يبرز تشوه في فتحة واحدة من جمجمة الرأس أو اثنتين ما يجعل الرأس غير متناسق الشكل ويولِّد مشكلات عدَّة، قد تعالج من خلال عمليات جراحية أو ارتداء خوذة طبيَّة لفترة معينة. أما في حال هذا الطفل فقد كانت جميع الفتحات مغلقة ما استدعى إجراء عملية جراحية".


 


العملية ليست الأولى


حال هذا الطفل لم تكن الوحيدة، فقد أجريت عملية جراحية لطفلة تعاني من تشوه خلقي أيضاً في مستشفى السلام. فالفتاة كانت تعاني من انسداد في مجرى المياه داخل الدماغ، حيث الجيبة المائية مسدودة بالكامل والدماغ إلى جانبها. ويشرح الدكتور الشهال الذي أجرى العملية أنّ "هذا التشوه خطر على الطفلة، وكان سيؤدي إلى تدهور حالها الصحية، من خلال التقيؤ المستمر وازدياد في ساعات النوم، ما كان سيوصلها لحال غيبوبة (coma). ومن المعروف أنَّ حول الدماغ ماء، يتشربه الدم الموجود في الرأس، أما الوضع لم يكن كذلك في حال هذه الطفلة. فتمَّ إجراء endoscopic cyst fenestration حيث تمَّ "فتح نافذة" في الدماغ وإجراء shunting وهي عبارة عن وضع جهاز خارجي تحت الجلد يسمح بتغيير مجرى المياه الحالي في الدماغ، وتحويله نحو منطقة المصارين لإرجاعه إلى الدورة الدموية".



تنفرد "النهار" بنشر صور حصرية للعمليتين اللتين سبق ذكرهما، واللتين أجريتا في مستشفى السلام في طرابلس بتاريخ 15 تشرين الأول 2014. ويأتي هذا الإنجاز بعد ضجَّة أثيرت منذ حوالي الشهر حول وفاة طفل ولد بتشوه خلقي بعد 24 ساعة من ولادته لُقِّب بالطفل "الضفدع".


 


 


 


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم