الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"كنّ يلهثن وراء اللّذة وأنا وراء المال"

المصدر: "النهار"
فيفيان عقيقي
A+ A-

في القانون اللبناني، تُعرّف الدعارة على أنها إقامة علاقات جنسيّة سريّة غير شرعيّة لقاء الحصول على مبالغ ماليّة. لكن نديم لا يرى بعمله السابق انتهاكًا للقانون اللبناني، بل يصفه بأنه علاقات عابرة مع نساء كن يلهثن وراء الجنس، ويرغبن في المتعة، ويبحثن عن العاطفة، لقاء استحصاله على بدل مادي.


كان نديم يعمل في النادي الرياضي التابع لأحد المنتجعات السياحيّة، يدرّب روّاده، ويقدّم لهم النصائح الرياضيّة الضروريّة لبناء عضلاتهم ونحت أجسامهم. كانت تقصد النادي سيّدات من المجتمع الراقي يملكن شاليهات في المنتجع، ويشاركن في النشاطات التي يقدّمها، بدءًا من السبا إلى التدليك واليوغا والسباحة والجاكوزي والنادي الرياضي وغيرها...


لم يكن يظن نديم أن حياته ستتبدّل يومًا نتيجة هذا العمل، فيقول لـ"النهار": "منذ سنّ المراهقة، وأنا أقصد النادي الرياضي، فبنيت مع الوقت عضلات مفتولة وجسد جذّاب ومثير. هذا الأمر ساعدني في العثور على عملٍ في أحد المنتجعات السياحيّة المهمّة في لبنان، يقصده رجال أعمال وسيّدات المجتمع الراقي وشخصيّات مهمّة. هناك كانت النساء يطلبنني لأكون مدرّبهن الخاصّ، فأرافقهن لساعات في النادي، وأعلّمهن كيفيّة تنحيف أجسادهن، وبناء عضلات تساعدهن في المحافظة على جسد جذّاب".


مسنّة غيّرت حياتي
عمل نديم أكثر من سنة في النادي، وكان الزبائن يثنون على أدائه، وخصوصًا السيّدات منهم، إلى حين تغيّرت حياته فجأة، ويقول: "كنت ألتزم عملي وأقوم به على أكمل وجه، فأحصل على راتبي مع المكافآت والبقشيش من الزبونات. أنا بطبعي متحدّث جيّد، وأعرف كيفيّة استمالة النساء، ولديّ طلّة لافتة وجميلة. لكن هذه العوامل مجتمعة دفعت إحداهن إلى التودّد مني. حاولت التهرّب منها كثيرًا بطريقة لطيفة كي لا أخسر عملي، إلى وقت لم أعد فيه قادرًا على رفض عروضها المتكرّرة، مع العلم أنها سيّدة أرملة، تملك أموالًا طائلة وشركات وعقارات كثيرة، وتُعتبر من المستثمرات النافذات في المنتجع".


أمام إصرارها وإلحاحها، خرج الشاب الوسيم برفقتها، فما كانت النتيجة؟ يتابع نديم سرد القصّة قائلًا: "خرجت معها في إحدى الليالي، وهناك عبّرت لي عن إعجابها، وعن استعدادها لتغيير حياتي في حال وافقت على مرافقتها في سفرها، وتلبية حاجاتها المختلفة، على أن تؤمن لي وظيفة في إحدى شركاتها وتعطيني مكافآت ماليّة قيّمة مقابل أي خدمة إضافيّة، في إشارة منها إلى رغبات جنسيّة. بداية لم أتقبّل الفكرة خصوصًا أنها تكبرني بأعوام، فهي بعمر والدتي، ولكني وافقت نتيجة المغريات الكثيرة".


خدمات لقاء المال
ترك نديم العمل في المنتجع وتحوّل إلى موظّف في شركة ومنزل السيّدة الستينيّة، كانا يسافران كلّ بضعة أشهر، ويؤنس وحدة لياليها، ويغدق عليها بكلمات المديح التي ترضيها، ويقول: "لقد جنيت الكثير من خلال هذه العلاقة، اشترت لي سيّارة وشقّة فخمة وسجّلتهما باسمي، وكنت أحصل على كمّيات كبيرة من الأموال مقابل الخدمات التي أقدّمها. كنت أعلم أنها فرصة لا تعوّض وعليّ أن أستفيد منها حتى النهاية".


عمل نديم في الدعارة، أو كما يقول في مجال إرضاء السيّدات المسنّات، نحو ست سنوات، انغمس فيها في هذ العالم، وخرج مع كثيرات ممن يعانين نقصًا عاطفيًا على حدّ قوله. كان يشرب الكحول ليتمكّن من ممارسة الجنس مع سيّدة متقدّمة في العمر، إلى حين اعتاد الأمر. ويقول: "هنّ يردن العاطفة والجنس، وأنا أريد تحسين وضعي الاقتصادي. دخلت هذا المجال وأردت الحصول على مزيد من الأموال، إلى حين أسّست عملًا خاصًا، فافتتحت مكتبًا لتأجير السيّارات، وتركت المسنّات، وبدأت حياة جديدة، تزوّجت منذ سنتين، والآن أنتظر مولودي الأوّل".


لا خجل ولا مفاخرة
لا يخجل نديم مما كان يقوم به ولا يرى فيه انتقاصًا من كرامته، ولكن في الوقت نفسه لا يتحدّث عنه كثيرًا ولا يشيعه، ويقول: "كان الأمر كأي صفقة عمل خاضعة للعرض والطلب، وهذا لا ينتقص من كرامتي. أنا أقدّم للسيّدة ما تريده وما يرضيها ويكفيها، وهي تدفع مقابل التمتع بأيام من الفرح والسعادة، وتعويض نقص عاطفي لديها. كنت أدرك أنني لن أبقى في هذا الجوّ، بل ستكون مرحلة في حياتي وستمضي إلى أن أحسّن وضعي الاقتصادي وأؤسّس مستقبلي".


بين دعارة الرجال والنساء!
كما الدعارة النسائيّة كذلك الدعارة الرجاليّة، لا تتطوّر لولا وجود الطلب والاستعداد لتقديم اللذة، ويضطلع الفقر والوضع المعيشي الصعب بدور كبير في انتشارها وتوسّعها، لكن بالنسبة إلى المجتمع، هي مجرّد علاقات عابرة يقابلها ثمن لدى الرجل، وتاليًا لا تؤثّر في حياته ومستقبله كما يحصل مع النساء اللواتي يمارسن الدعارة. فما هو الفارق بين المرأة التي تقدّم خدمات جنسيّة مقابل المال والرجل الذي يقوم بالعمل نفسه وللهدف نفسه؟


يشرح الاختصاصي في علم النفس، الدكتور روجيه بخعازي، الفرق بين الدعارة الرجاليّة والنسائيّة لـ"النهار"، ويقول: "في عقلنا الباطني هناك قناعة بأن المرأة هي من تقدّم الخدمات الجنسيّة مقابل المال على مرّ التاريخ، ومن هنا أتى وصفها بأنها أقدم مهن النساء فيما هي حديثة العهد لدى الرجال. هذا هو الفارق الأبرز. أمّا ما يجمع بينهما فهو شيوعيّة الجسد الذي فقد قدسيّته تحت مسمى الحريّة الجسديّة، إضافة إلى القوانين التي باتت تشمل النساء والرجال في هذا المجال".


دوافع نفسيّة
وعن الأسباب التي تدفع الرجل إلى بيع اللّذة وشراء المرأة لها، يقول بخعازي: "هناك أسباب عدّة؛ يقدّم الشاب الخدمات الجنسيّة لنساء كبيرات في السنّ، نتيجة حاجته إلى المال، أو نرجسيّته العالية والرغبة في إقامة علاقات جسديّة مع أي كان، أو حبّه لكبيرات السنّ (gerontophilia) لأن التجربة الجسديّة الأولى له كانت مع امرأة متقدّمة في السنّ. أمّا السيّدة فهي ترضى بشراء اللّذة إمّا لأنها لا تكتفي من العلاقات الجسديّة، أو لأنها تعاني من نقص عاطفي فتشتري اللذة لتعطي العاطفة وتأخذ الأمان، أو لتشعر بأنها ما زالت صبيّة ولم يفتها قطار العمر".


رجولة أم عار؟
وعن توصيف الدعارة الرجاليّة في المفهوم الشرقي، هل هي رجولة أم عار، يقول بخعازي: "هناك إشكالية في هذا الموضوع في المجتمع الشرقي، فلا يمكننا توصيفه بأنه عار ولا رجولة، وإنّما تلتصق به صفة الاستغلال أو الدنجوانيّة. لا تصحّ فيه صفة الرجولة لأن قوّة المادة في يد المرأة، ولا تنطبق عليه صفة العار لأن الرجل في المفهوم الشرقي يمكنه ممارسة العلاقة الجسديّة مع كلّ النساء. لذلك هي علاقة استغلاليّة تدلّ إلى نرجسيّة مرضيّة".


النظرة إلى النفس
هل تختلف النظرة إلى النفس بين الرجل والمرأة اللذين يعملان في الدعارة؟ وهل من الممكن أن يعاني الرجل من تبعات نفسيّة جرّاء امتهانه هذا العمل؟ يقول بخعازي: "في البداية يشعر الرجل الذي يمارس الدعارة بأنه قويّ. لكن نتيجة لكثرة العلاقات، يصل إلى وقت ينفر فيه من نوعية حياته، إذا كان الهدف تحسين وضعه المعيشي والاقتصادي، فيعود إلى حياته الطبيعيّة. أمّا إذا كان لديه شذوذ في تركيبته البيولوجيّة أو النفسيّة، أي إنّه لا يكتفي من ممارسة العلاقات الجسديّة، أو يحبّ النساء الكبيرات في السنّ، فذلك قد يدفعه للانغماس أكثر في هذا الجوّ".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم