الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

التحوّل الحوثي

امين قمورية
A+ A-

دخول الحوثيين صنعاء أخرج منها "الاخوان المسلمين" وقوات اللواء علي محسن الاحمر. واذا كان صعبا في اليمن اقتلاع شيخ قبيلة صغيرة بالقوة، فكيف باطاحة جيش جنرال كان له يد طولى في حكم هذا البلد منذ ربع قرن، وحزب اسلامي قديم جذُر رجاله في مفاصل الدولة ودهاليزها؟ إذاً هذا التحول الحوثي لم يكن بالامر اليسير لولا الرضى الضمني لاطراف كثر.


اسم الحوثيين ارتبط منذ مدة بايران ونفوذها المتصاعد في المنطقة، فهل انقلابهم الساحق هو ايضا انقلاب على السعودية راعية اليمن، وعلى حسابها؟
الرياض تلوذ بالصمت حيال ما جرى في حديقتها الخلفية، فهل هي في عداد الخاسرين ام ان التخلص من عدوها "الاخواني" هو نقطة لمصلحتها؟ الجواب عن هذا السؤال قد يأتي في سياق سؤال آخر: أيهما أفضل للمملكة في اليمن، "إخوان" يخاصمونها بشراسة ويسيطرون على المؤسسات الحكومية ويهيمنون على الحياة السياسية وتدعمهم الميليشيات والقبائل والفرق المسلحة، ام الحوثيون الذين ليسوا الآن سوى مجرد قوة مسلحة لا جذور لها لا في الدولة ولا في الجيش، وهي على خصام عقائدي مع غالبية اليمنيين ووجودها الجغرافي مقتصر على مناطق شمالية ليس إلا؟
الحوثيون ورثة الإمامة، ودخلوا اليوم عاصمة اليمن فاتحين في الذكرى الـ 52 لسقوطها في أيدي الجمهوريين. لكن اقتحامهم الظافر لن يحيي دولة الامامة، فحكم الامامة الذي استمر الف عام اقتصر على الشمال ولم يتجاوز ذمار واكتفى بالجباية من أهل الوسط بينما كان اهل الجنوب خارجه. للحوثيين مصادر قوتهم ومنها اتفاقهم مع عدوهم السابق علي عبد الله صالح الذي يتوق الى لحظة العودة ولا يزال يحظى بولاء مرؤوسيه السابقين والفاعلين في اجهزة الدولة. لكن المصدر الاساس هو التقاء افرقاء كثر حولهم لا يجمعهم سوى وجود عدو مشترك واحد... الان، بعد ازاحة هذا العدو هل يظل الاجماع قائما ام يذهب الحوثيون الى النهاية مع ما يحمله ذلك من مخاطر؟
سيطرة الحوثيين على اليمن تعني سيطرة ايران على باب المندب بعد سيطرتها على مضيق هرمز وتاليا سيطرتها على أبرز ممر للنفط العالمي. كما يعني ان أمن الخليج والمملكة خصوصا صار مطوقا بين سندان العراق ومطرقة اليمن... فهل بلغ الانقلاب في الادوار الاقليمية هذا المستوى من التحدي والكسر، ام ان الامور لا تزال تحت سيطرة الطرفين الاقليميين ومن ثم واشنطن التي تمد حينا يدا الى الرياض ويدا اخرى الى طهران تبعا للمقتضيات والمصالح؟
لعل تقاطع المصالح الضمني في اليمن يشكل استكمالا لما بدا في العراق من ملامح اتفاق يرعى مصالح الرياض وطهران، وهذا الارجح لان العكس هو الشر المستطير للجميع!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم