الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

تربية ابن تيمية وسيد قطب!

ابراهيم حيدر
ابراهيم حيدر
A+ A-

ليس في التعليم الديني ما يشير الى تجاوز العصبيات الطائفية. تجربته في لبنان عززت رفض فصل الدين عن الدولة. ونعرف في التعليم الخاص، أن كل جمعية أو مرجعية تعد كتاب التربية الدينية الخاص بها، فيما الفوضى تطيح اي إمكان لنشر ثقافة متنورة في التعليم الرسمي. يعني ذلك أن هناك مخاوف من استمرار التعليم الديني على النحو الذي يقوم عليه من دون رقابة، في ظل سيطرة تيارات إسلامية متشددة في المنطقة تكفر الجميع. علماً أن التعليم الديني يتولى مهمة تدريسه رجال دين وليس أساتذة متخصصين.


والأمر لا يقتصر على مرحلة التعليم ما قبل الجامعي، فالجميع يعلم أن جامعات لبنانية لديها اختصاصات دينية، واختصاصات يرتبط بعض موادها الأكاديمية بالفقه والدين، خصوصاً الإسلامي. وكي لا نذهب بعيداً نحو بعض الجامعات العربية، هناك جامعات تدرّس مواد الفقه، والذي يدرج حتى في اختصاص الفلسفة والآداب، فيستحضر فتاوى الفقهاء الإسلاميين المتشددين كابن تيمية، المرجع الروحي الذي يلتزم تنظيم "داعش" بعقائده مؤسساً للفقه الإسلامي المتطرف.
وليس الخلط في التعليم الديني المدرسي وما يدرّس في الجامعات شكلياً. حصيلته واحدة. فإذا سأل طالب عن تنظيم "داعش" أو مختلف التنظيمات الإسلامية الأصولية والسلفية والجهادية، فهل سيجيب المعلم أنهم آتون من مجتمعات همجية، أم أن هذه التنظيمات ولدت من رحم الفقه الإسلامي المتطرف! هل سيقول أن كل هذه الحركات تستمدّ عقائدها من الفتاوى المتشدّدة التي نظّر لها ابن تيمية؟ وهو الذي يوجب الجهاد على المسلمين ضدّ من يسمّيهم الكفّار والمرتدّين والمشكوك في إسلامهم وغيرهم، بينما يشدّد فكر الإخوان المسلمين على أنّ كلّ دول العالم كافرة. وبالمزج بين هذين المفهومين، يرى المتطرّفون الإسلاميّون أنّ عليهم إعلان الحرب وإقامة الخلافة.
هل يتحدث المعلم مثلاً عن فتوى "ماردين" لابن تيمية، حيث رأى المتطرّفون وأتباع السلفيّة الجهاديّة أنّها تبيح لهم شنّ الحرب وفرض أحكام الشريعة الإسلاميّة حتّى داخل الدول التي يدين أهلها بالإسلام. أو فتوى "التترّس" التي تنصّ على قتل المسلمين لإقامة الخلافة. أمّا قطع الأيدي والرؤوس، وفرض الجزية، وختان النساء، وتدمير القبور والأضرحة، وغيرها من الممارسات التي يقوم بها تنظيم "الدولة الإسلاميّة" فكلّها منصوص عليها في العقائد الإسلاميّة السلفيّة التي يقف على رأسها ابن تيمية، و"مجموع فتاوى ابن تيمية" تدرّس في شكل اعتياديّ في المدارس والجامعات في بعض الدول العربيّة، وتعتبرها المؤسسات الدينية الإسلامية لا تخالف الشريعة.
ثم كيف يدرس امتداد ابن تيمية مع سيد قطب الذي بلور فكر الإخوان المسلمين في القرن العشرين؟ وبنظره "الفتية الذين ألمحهم في خيالي قادمين يردون هذا الدين جديداً كما بدأ يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون". والسؤال، متى يصبح التعليم الديني، عبارة عن تنشئة لا طائفية يقودها علماء واساتذة متخصصون يعيدون الاعتبار للمعنى الأخلاقي للديانة السماوية؟


[email protected]
Twitter: @ihaidar62

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم