السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

إذا تحوّل الخلاف الأميركي - الروسي صراعاً \r\nلا مصلحة للبنان في أن يكون طرفاً فيه

اميل خوري
A+ A-

يقول ديبلوماسي عربي إن الوضع في العراق يختلف عنه في سوريا، فالحل الذي يصلح في العراق قد لا يصلح في سوريا لأن في العراق تم التوافق سعودياً وإيرانياً وأميركياً على تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة حيدر العبادي، وهذه الحكومة هي التي طلبت من أميركا مساعدتها على ضرب تنظيم "داعش" من الجو ويتولى الجيش العراقي والقبائل المسلحة وقوات البشمركة احتلال المناطق التي ينسحب منها مقاتلو "داعش" تحت وطأة هذه الضربات. أما في سوريا فلا حكومة وحدة وطنية تطلب ذلك ولا قوات نظامية يمكن الاعتماد عليها لتحل محل قوات "داعش" في المناطق التي تخرج منها.


لذلك يرى الديبلوماسي نفسه أن يصار إلى تفاهم مع إيران وروسيا على جعل الحل السياسي وفقاً لمبادئ جنيف بديلاً من أي حل عسكري لا اتفاق عليه حتى الآن لأن روسيا وإيران تتخوفان من أن يكون ضرب مواقع "داعش" وأخواتها من الجو في سوريا سبيلاً لإطاحة نظام الرئيس بشار الأسد قبل الاتفاق على البديل منه خلافاً لما حصل في العراق، إذ سبق الضربات الجوية الأميركية لمواقع "داعش" اتفاق على إبدال حكومة نوري المالكي بحكومة حيدر العبادي، في حين أن لا اتفاق في سوريا بعد على ذلك إلا بعد التوصل الى حل للأزمة فيها. وهذا يطرح السؤال: هل تسعى روسيا وإيران إلى هذا الحل بتوفير أسباب النجاح لمهمة الموفد الأممي ستيفاني دوميستورا بعدما فشل من تولى ذلك قبله، لأن من يقف مع الرئيس الأسد، وتحديداً إيران وروسيا، رفض تنحيه لحساب حكومة وحدة وطنية تتولى صلاحياته كاملة، وهل بات ذلك ممكناً للتخلص من تنظيم "داعش" المهدد ليس لأمن المنطقة فقط إنما لأمن دول العالم؟ إن قول الوزير الأميركي جون كيري عن دور لإيران في مواجهة "داعش" إشارة إيجابية.
لقد نجحت روسيا وإيران في تخليص النظام السوري من الضربات العسكرية التي هددت بها أميركا فكان البديل منها الاتفاق على تسليم الاسلحة الكيميائية السورية، فهل يكون البديل من ضربات لـ"داعش" داخل الاراضي السورية وتسليم المعارضة المعتدلة بعد تدريبها السلطة في سوريا وبعد القبول بحل على أساس مؤتمر جنيف بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها كل القوى السياسية الأساسية في سوريا معارضة وموالاة كي تستطيع مثل هذه الحكومة التصدي لتنظيم "داعش" من دون أن تحتاج ربما إلى ضربات جوية أميركية لمواقع هذا التنظيم، وهي ضربات مثيرة للخلاف حتى الآن؟ ومتى تم التوصل إلى حل للأزمة السورية فإن لبنان يرتاح من مشكلة اللاجئين السوريين وكيف ينظم لجوءهم كي لا تشكل له مشكلة أمنية واقتصادية وصحية واجتماعية وتعليمية، كما يرتاح من مشكلة ضبط الحدود لمنع دخول عناصر ارهابية عبرها الى لبنان، وكذلك من مشكلة انضمام لبنان الى التحالف الدولي لضرب "داعش" حيثما وُجد، مع وجود خلاف داخل الحكومة اللبنانية وبين الأحزاب حول هذا الانضمام لئلا يصبح لبنان ساحة مفتوحة لصراع المحاور اذا استمر الخلاف على توجيه هذه الضربات من داخل الاراضي اللبنانية أو من أجوائها إذا ظلت روسيا وايران خارج هذا التحالف، الأمر الذي يثير شكوكهما في نيات أميركا وأهدافها لأن مواجهة 30 ألف "داعشي" لا تحتاج إلى مثل هذا التحالف الضخم لضربهم، إلا إذا كان وراء ذلك ما وراءه من مطامع وخطط مثل إقامة الشرق الأوسط الجديد على أسس جديدة وعلى أساس أنظمة جديدة يقال إنها "الفيديرالية" التي باتت وحدها تحقق الأمن والاستقرار في المنطقة بعد الحروب الطائفية فيها.
الواقع انه ما دام الخلاف قائما حول الحل الواجب اعتماده في سوريا لضرب "داعش" فلا مصلحة للبنان في أن يزج نفسه فيه، بل إن مصلحته في أن ينتظر ويراقب نتائج ما سيجري في العراق بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وهل ستنجح في مهمتها ويعود الأمن والاستقرار اليه، وان يراقب بصورة خاصة المواقف من سوريا، هل يصير اتفاق على الحل فيها كما تم في العراق ويكون اتفاقاً سعودياً - إيرانياً بموافقة أميركية ويكون الحل السياسي الذي قال به الوزير كيري وليس حلاً عسكرياً، أم يتعذر التوصل إلى اتفاق فيبقى خلاف لا مصلحة للبنان للدخول فيه، خصوصا أنه لا يقدم ولا يؤخر في الحرب المعلنة على "داعش" ولا خلاص له من تداعياتها بسوى الوقوف على الحياد وحماية الداخل فيه من أي اعتداء بالوحدة الوطنية لأنها أمضى سلاح في وجهه.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم