الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الشهيد علي السيد و"داعش" ...الايمان في مواجهة التكفير

المصدر: "النهار"
مصطفى العويك
A+ A-

من هو الانسان علي السيد الذي وقع بيد من لم يعرف الانسانية يوما؟


من هو المواطن اللبناني علي السيد الذي حولته الظروف اللبنانية الى خبر أول في الصحف وشاشات التلفزة؟
من هو اللبناني علي السيد الذي خضع لامتحان التضحية الوطنية ففاز برتبة شهيد أول، بعد ان حصل على رتبة مقاتل أول قبل اختطافه ومن ثم ذبحه؟
من هو العسكري المخطوف علي السيد الذي قيل ان "داعش" ذبحته؟
علي احمد السيد...هو المعاني الوطنية والدينية مجتمعة، هو اقصى درجات التعبير عن الولاء للوطن الذي يشاركه فيه اغلب المواطنين اللبنانيين، وبالوقت عينه هو نقيض السلطة التي تستسهل دموع الرجال، وصرخات الامهات، هو نقيض لحظات التخلي التي وقعت بها دولة عاجزة في بركان اقليمي مشتعل.


لقد كشف استشهاد علي السيد على ايدي جماعات القتل والاجرام، عمق الازمة البنيوية التي يعيشها لبنان، الوطن الممزق المسحوق بلعنة الجغرافيا وغير القادر على تحويل تنوع ابنائه الديني والثقافي الى فسيفساء قل نظيرها.


وكشف بالصورة التي انتقل بها الى خالقه، وحشية من لا دين لهم ولا قلب، ولا يربطهم بالانساينة اي رابط. عبر هؤلاء عن اقصى درجات البشاعة الحيوانية، وبرروا تصرفهم هذا على انه فرض ديني مستندين الى تأويلات معينة لايات من القرآن الكريم، واحاديث نبي العالمين محمد عليه الصلاة والسلام، الذي قال له ربه: "...ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك.."، وفي موضع آخر: "ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن، ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين.." ، لكنهم قوم لا شرع لهم ولا ناموس، ولا يجادلون بدليل ولا بغير دليل، لان وظيفتهم القتل ومن ثم القتل ومن ثم القتل، هم آلات متحركة، تحركها اجندات سياسية معلومة، من لا ينفذ اوامرها منهم سيكون مصيره حتما الذبح بحد السيف.


منذ ايام كنت اتحدث وشيخ جليل على قدر كبير من العلم الشرعي والوقار والتعقل، ، قال لي عندما انهينا النقاش:"داعش" جهاز استخباراتي رهيب، ينجح اعلاميا بشكل مخيف، وهو يمثل حالة دينية بالشكل سياسية في المضمون، وهو لا يهمه الاسلام ولا المسلمين لا بل انه يسعى لاقامة حيثية سياسية له على جثث هؤلاء قبل الاخرين"، واضاف: "مهنة الذبح التي يمتهنها هذا التنظيم تجعله مرعبا، لكنه في حقيقة الامر اوهن من بيت العنكبوت، عسكريا وشرعيا، عسكريا اذا وجدت الارادة السياسية والعسكرية بانهائه خلال 24 ساعة يختفي عن وجه الارض، وشرعيا لم يظهر اي شيخ من مشايخه بفتوى محكمة اسلاميا يبرر فيها قتل المسلمين الموحدين قبل غيرهم من الطوائف، وادعائه بان الجندي علي السيد الذي ذبح هو "مرتد"، اتهام مردود عليه، فالمسلم هو من شهد ان: لا اله الا الله وان محمد رسول، وأقام الصلاة ودفع الزكاة وعامل الناس بخلق حسن، وليس المسلم هو من انتسب لداعش ليقتل الناس لانه في ديننا: لا اكراه في الدين، "ومن قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض كأنما قتل الناس جميعا"؟!


أسقطت حديث الشيخ على واقعنا الاسلامي والعربي وتداعياته اللبنانية، فوجدت فيه من التبصر والحكمة والعقل الكثير، لكنه لا يأتلف مع ما نعيشه، فنحن نعيش في زمن الجنون الطائفي والديني، زمن يظهر فيه الجميع انه زاهد في ايمانه لكنه في الحقيقة يمارس تدينا مغشوشا والتزاما اعلاميا، لأن حقيقة الامر ان قلبه مليء بالاحقاد، ولا يدخل الايمان من في قلبه ذرة من الحقد، لاي طائفة او دين انتمى.


من هو علي السيد؟


هو شعلة الايمان الحق بالله وبالوطن، هو نبراس الاعتدال والمعتدلين، هو الشاهد على قصورنا وعشوائيتنا وفوضانا.


من هو علي السيد؟


هو منظومة الاخلاق ومجموع القيم والمبادئ التي تدعوا الى المحبة والتلاقي والتآلف، التي تشكل "داعش" واخواتها النقيض الطبيعي لها.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم