الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

معرفة

حياة أبو فاضل
حياة أبو فاضل
A+ A-

طلابنا الذين وقعوا في قبضة أهل السياسة المتنافسين على المكاسب والألقاب والمواقع التي ما اوقعت الوطن والمواطن الا في كل سلبيات الوجود، هؤلاء الطلاب جمعوا اشياء من المعرفة على مقاعدهم الدراسية وأفرغوها في محطات امتحانات مفصلية تؤهلهم نتائجها لدخول برامج جامعية معرفية تأخذهم الى تفاصيل جديدة ينالون على أساسها درجات جامعية تفتح أمامهم ابواب الادماج الأكبر في المجتمع البشري حيث التنافس الشرس على المال، في كل حقول العلم والانتاج والبحث والسيطرة واللاعدل، بل الظلم والاستبداد، وغزو الموارد الطبيعية تارة من باب نشر الديموقراطية، وطوراً من باب الفتح الاسلامي الارهابي المستحدث الذي يقضي على حياة جماعات، ما مرّ ببالها يوماً ان هناك مَن سيحرمها الحياة ساعة يشاء وباسم الخالق.


طلابنا يعرفون أو لا يعرفون ان برامجهم الدراسية ستوصلهم حتماً الى ما وصل اليه السياسيون الذين حرموهم الحصول على نتائج امتحاناتهم حيث لا دولة ولا عدل ولا اهتمام بأجيال جديدة لا تنتمي الى تركيبتهم الانانية، الكيدية، العاجزة عن مطلق انجاز يغير واقعاً فارغاً حيث لا إنتاج، فلا صناعة ولا زراعة ولا سياحة، ولا ثقافة تهيئ لمجتمع متماسك. رجال السياسة عندنا خريجو البرامج الثقافية نفسها المفتقرة الى شمولية وعي لوجود مترابط واحد. فما من معرفة الا والانسان "نواتها". ومتى وعى الانسان علاقته بالفيزياء مثلاً وبالرياضيات وبالكيمياء، وعلوم الحياة والموسيقى وغيرها وغيرها، يفتح صفحة جديدة في مقاربته للثقافة بكاملها، أياً كان عمره ودرجة ادراكه على سلم العلم، ويعرف أنّ هناك وحدة رائعة تجمعنا بكل مظاهر الحياة ومكوناتها، فيفهم حركتها التي ما نقلت اليه الثقافة منها كما هي اليوم الا نتفاً من هنا وهناك، من دون روابط في ما بينها، وبينها وبين الانسان، لذا نحن نحيا داخل مجتمعات مفكّكة يسودها القهر.
والاديان التي فشلت في تحديد دور المرأة الاساسي في تركيبة الحياة، فشلت في إيجاد مجتمعات متماسكة، سليمة، وأخذتها حركة الزمن داخلها الى متاهات خارج المنطق. فالإسلام مثلاً انتج، في عصرنا الحاضر، جهاديين في سبيل الخالق يقضون على كل اشكال الخلق. والمسيحية ما فتحت بعد على "حب" أوصى به السيد المسيح قبل ألفيتين. حب ظلّ كلمة تتكرر في كل المناسبات فيحملها الهواء الى فراغ ما سمح أبداً بتطور، لو حصل لكنّا على غير ما نحن عليه اليوم من ضياع وتطرف. فالمعرفة لا تزال مقيدة بالخوف كما قبل ألفيات، والحب لا يجاور الخوف، توأم الارتكاب من دون شك.
لذا طلابنا الذين يحملون اليوم إفادات تُغني عن نتائج امتحانات تخوّلهم دخول الجامعات، هم كما غيرهم شهود على المعرفة، فقط شهود. والجامعات لن تضيف الى ثقافتهم ما له علاقة بتفتح الضمير والقلب... باستثناء قليل مدرك أن للمعرفة باباً آخر لا بد أن نبلغه ذات يوم.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم