الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

السعودية بعين مؤيّديها... والأخصام!

سركيس نعوم
سركيس نعوم
A+ A-

للمملكة العربية السعودية لبنانيون مؤمنون أولاً بحبها لبلادهم، وثانياً بوجود مصلحة لها في بقائها مستقرة مع دولة قوية، وثالثاً بمقدرتها على القيام بالدور الأساسي داخلياً وعربياً وإقليمياً ودولياً لمساعدتهم على إنهاء أزماتهم وحروبهم. وهم لا يكتفون بتلاوة فعل الإيمان هذا بل يرفقونه بأمثلة تبرّره من التاريخ الحديث للبنان. المثل الأول، هو الدور "التاريخي" الذي قامت به المملكة لإنهاء الحروب في لبنان التي دامت نيفاً و15 سنة. كان ذلك عام 1989 عندما دعت "اللجنة الثلاثية العربية" النواب اللبنانيين إلى مدينة الطائف، وساعدتهم على انجاز اتفاق تاريخي حمل اسمها قضى أولاً بإنهاء الحروب المشار إليها، ووضع دستوراً جديداً كرس جوهر الميثاق الوطني الاستقلالي. والمثل الثاني، هو إطلاق ولي العهد السعودي في سبعينات القرن الماضي أو أوائل ثمانيناته الأمير فهد بن عبد العزيز مبادرة تتعلق بأزمة الشرق الأوسط وقضية فلسطين. والمثل الثالث هو إطلاق المملكة العربية السعودية في مؤتمر القمة العربي الذي استضافته بيروت عام 2004 مبادرة "شاملة" لحل الأزمة والقضية المذكورتين ونجاحها في إقناع الملوك والرؤساء العرب بتبنّيها. والمثل الرابع، هو مبادرة المملكة إلى جمع رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس (ضمناً حركة "فتح" ومنظمة التحرير) وقادة حركة "حماس" من أجل مصالحتهما بعد خلافهما الذي انعكس انقساماً سياسياً وجغرافياً. والمثل الخامس، هو إسهامها الجدي في إنهاء الشغور الرئاسي في لبنان عام 2008 و"احتلال" وسط بيروت من فريق 8 آذار. ولا تقلِّل من رئيسية هذا الدور أو من أولويته استضافة الدوحة عاصمة قطر فريقي 8 و14 آذار المتخاصمين. كما أنها لا تقلِّل من دور قطر الذي كان بدأ يظهر في وضوح عام 2006 بعد الحرب الإسرائيلية الفاشلة في تموز على لبنان وبسببها. والمثل السادس، وقد لا يكون الأخير، هو نجاح المملكة وإن من دون أن تعلن ذلك، في "زرك" أي حشر الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومن خلالها حليفيها النظام السوري و"حزب الله" اللبناني، وذلك بواسطة التطورات العراقية التي حصلت قبل أسابيع. ويبدو أن الذي عمل جدياً على هذا الموضوع كان الأمير بندر بن سلطان استناداً إلى معلومات عربية واقليمية ودولية متقاطعة.
هل التقويم المفصّل أعلاه والبالغ الإيجابية للمملكة العربية السعودية ولأدوارها في المنطقة في محله؟
"أخصام" المملكة من اللبنانيين كي لا نقول أعداءها وهم كثيرون أيضاً يعترفون بأهميتها عربياً وإقليمياً ودولياً. لكنهم لا يوافقون مؤيديها على أولوية دورها وعلى ديمومة نجاحاتها. فاتفاق الطائف تمّ التوصل إليه عام 1989 يوم لم تكن إيران وسوريا حافظ الأسد توصلتا إلى تفاهم إستراتيجي اقليمي شامل ومعه تفاهم تام على لبنان. وهو لم يكن ليولد أو ليطبق لو لم يقبل اللبنانيون المعادون لسوريا تلك في الطائف بتعديلات على الاتفاق فرضها الأسد الراحل، وقبلتها المملكة "مرغمة" ربما. وبدا في السنوات اللاحقة أنها كانت عاملاً مكَّن سوريا من البقاء في لبنان مدة طويلة وربما "إلى الأبد" كما كانت تريد لولا اغتيال الرئيس رفيق الحريري. والمبادرات السلمية الاقليمية السعودية لم تنجح في حلّ قضية فلسطين وأزمة الشرق الأوسط رغم التنازلات فيها لأن المملكة عجزت عن إقناع "حليفتها" أو بالأحرى حاميتها أميركا بممارسة ضغط جدي على إسرائيل لقبولها. وهو عجز لا يزال مستمراً وسيستمر في الموضوع المذكور وفي غيره لأن المملكة لا تستطيع الاستغناء عن الحماية الأميركية. أما "اتفاق الدوحة" فكان "بلفة" نفّذها القطريون بالتعاون مع الرئيس بشار الأسد. وقد تبين ذلك لاحقاً عندما كرّس أموراً لا يقبلها حلفاء السعودية وكان دورها كبيراً في إخراج حليفها اللبناني الأول من الحكم أي الرئيس سعد الحريري. أما دور المملكة في التطورات العراقية الأخيرة فمنطلقها كان الدفاع عن النفس في وجه الخطر الإيراني عبر العراق وسوريا. وقد حقق نجاحاً جزئياً. لكن لا أحد يعرف إذا كان سيكتمل أم لا. إذ إن ذلك يتوقف على أمور كثيرة منها مفاوضات أميركا – إيران، ومنها خطر من استعملتهم المملكة وغيرها ضدّ إيران عليها بالذات. وهو خطر عاشته ولا تزال تعيشه نتيجة تجربة مماثلة في أفغانستان.
مَنْ المُحِقّ مؤيدو المملكة أم أخصامها والأعداء؟
الإنصاف يقتضي الإشارة إلى أن في منطق كل من الفريقين بعض الصحة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم