السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"أحبّ نجوى كرم وأتمنى تذوّق البيتزا"

المصدر: "النهار"
فيفيان عقيقي
A+ A-

تمتلأ الشوارع اللبنانيّة بالمتسوّلين الأطفال واليافعين والعجزة. بعضنا ينزعج من رؤيتهم فيسارع لإغلاق نوافذ سيارته أو المرور بسرعة متجنبين النظر إليهم، فيما آخرون يعطفون عليهم ويعطونهم القليل من الفكّة التي قد تسدّ جوعًا ولكنّها لا تؤمن مستقبلًا.


بملابسهم الرثة، ووجوههم الملوّثة، والهمّ الملقى على كاهلهم، يعكسون صورة نموذجيّة عن المجتمع اللبناني الذي يعاني اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا وأمنيًا، ويخطو بثقة لتثبيت مكانته بين الدول الفاشلة. فتذهب أحلام الطفولة أدراج الرياح، وبدل اللعب مع أقرانهم يحملون هموم الحياة باكرًا.


رغد فتاة لا يتجاوز عمرها الثمانية أعوام، غالبًا ما تطلّ على قاصدي محلّة الكسليك، أحيانًا تبيعهم العلكة وأحيانًا أخرى محارم ورقيّة وعبوات المياه ليرووا عطشهم خلال الصيف الحارّ، وفي أحيان كثيرة تتصدّق على المارّة داعية للصبايا أن يرسل لهم ابن الحلال، والسيّدات أن يطعمهن الله أولادًا بصحّة جيدة، والرجال أن يوفقهم الله في أشغالهم.


كلامها أكبر من عمرها، وهي ترفض اعتبارها متسوّلة إذ تشير إلى أنها تعيش من عرق جبينها ومما تبيعه. هي فرد من عائلة تضمّ سبعة أولاد مع أهلها. شقيقاتها وأشقاؤها يعملون مثلها ويتوزّعون في مناطق قريبة منها كي لا يأخذ أحدًا رزقة الآخر، ولكي يستطيعوا الوصول إلى زبائن منوّعين.


وتقول رغد : "الغلّة تختلف بين يوم وآخر، أحيانًا أجني عشرة آلاف ليرة لبنانية وأحيانًا ثلاثين ألف أو أكثر. أعطيها في نهاية اليوم لأبي وأمي لسيسرة أمور العائلة. نحن نعيش في مستودعٍ لربّ عمل والدي".


وإن كانت تترك القليل من المال لها، تردّ: "أحيانًا نعم، لأشتري سندويش بطاطا، لأنّه الأرخص، أو المثلّجات. أرى الناس يأكلون يوميًا في المطاعم والمقاهي المنتشرة، أراهم يأكلون أصنافًا منوّعة من ضمنها عجينة كبيرة يضعون فوقها أنواعًا كثيرة (تقصد البيتزا) تمنيّت تذوقّها مرة لكنها غالية. ثمنها 15 ألف ليرة لبنانيّة. لن أنفق هذا المبلغ عليها".


أمّا أكثر ما تحبّه رغد فهو الموسيقى، "أحبّ الموسيقى والرقص، أحبّ أغنية (خليني شوفك بالليل) لنجوى كرم. فهي أغنية جميلة ومسلّية". وإنّ كانت تتمنى لقاء حبيب في الليل، تضحك بخجل وتردّ : "لا لا عيب".


وعمّا تتمناه في الحياة، تجيب بلوعة وكأنها فقدت أي أمل بعدما ضاعت أحلام الطفولة في زحمة الهموم اليوميّة : "ماذا أتمنى؟ لا أدري. ربّما أن أرتدي ملابس نظيفة وجميلة. لكن هموم الحياة أهمّ، علينا العمل لنقوى على العيش". وتضيف : "الحياة صعبة شو بدي إتمنى بدنا ناكل". 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم