الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

حين نصل إلى نقش الحناء

المصدر: النهار
زياد سامي عيتاني*
A+ A-

تعتبر الحناء في العيد من أقدم العادات التي لا زالت مستمرة إلى وقتنا الحاضر بنقشاته الجميلة التي تزين أيادي وأقدام كبار السن والنساء والفتيات الكبار والصغار، فقديماً كانت تجتمع الأسرة قبل العيد بيومين فتضع الجدة الحناء الذي تصنعه بنفسها وتضعه لبناتها وحفيداتها، ويتم ربط أيديهم لليوم التالي. أما الآن في الوقت الحاضر يذهبن الكثير من النساء للحناية سواء في المشاغل النسائية المختلفة أو حنانة خاصة تأتي للمنزل، وظهرت في السنوات الأخيرة نقشات الحناء المختلفة منها النقشة الهندية والإماراتية والسودانية واليمنية وتختلف بإختلاف المواد وعرض خط الرسمة ونوعها وظهرت ألوان متعددة كالأحمر والأسود والكوكتيل والعنابي.


وفي كثير من المدن العربية تُقام جلسات الحناء التي تُعرف "بيوم الحناء"، حيث تجتمع فيه النساء قبل العيد بليلة ويقمن برسم ونقش الحناء كتقليد شعبي – أنثوي.
وإلى اليوم لا يزال العديد من النساء في ليلة العيد يحرصن على تحنية اليد والقدمين بأجمل نقوش الحناء والتي تبدع خبيرات النقش "المحنيات" اليوم في رسم أجمل وأحدث الأشكال والأنواع والتي تنوعت في مسمياتها وطريقة تحضيرها حيث تعطي رونقاً خاصاً يعبر عن بهجتهن بالعيد.
أما الفتيات فيفضلن النقش الناعم والرسوم الهندسية والأزهار والفراشات وأشكال الأساور والحروف والزخارف وحتى كتابة أسمائهن على باطن اليد مع الرسم.


وتستخدم الحناء كصبغة للشعر والأظافر والأقدام وراحات الأكف وأظهرها. والحناء سمةً من سمات الجمال في مواسم الأعياد والزواج والمناسبات المفرحة. تدخل السرور والبهجة على النساء والبنات وبخاصة صغيرات السن، ويعتبر التخضب بها من التقاليد الموروثة من مئات السنين، ومن الضروريات في المجتمع والتي يصعب التخلي عنها.
تحتفظ شجرة الحناء بمكانة مباركة وعزيزة على نفوس العرب منذ قديم الزمان. لقد عرفت الجزيرة العربية الحناء قبل أكثر من 1400 سنة هجرية، وتتوارث النساء عن الجدات مقولة: ان الحناء خضاب فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم. وتفعل هذه المقولة فعلها في تشجيع الفتيات على الإقبال على استخدام الحناء وخصوصا في الأعياد، حيث كنا نسمع من الأمهات أن بنات الأغنياء قديما كن يتزين بالذهب والفضة، وكانت مجوهرات الفقيرات تخضيب البنان بالحناء الحمراء.


زراعة الحناء


تزرع الحناء في الأراضي الطينية والرملية إما بالبذرة أو بالعقلة ويلزم لإتمام نموها درجة حرارة عالية ورطوبة جوية مرتفعة، لذا يمكن زراعتها في بقاع عديدة من العالم. وتتكون شجيرة الحناء من جذر وساق وأوراق وأزهار وثمار، ويصل متوسط ارتفاعها إلى نحو خمسة أمتار ومن أصنافها الحناء البلدي والشامي والبغدادي والشائكة، أما أفضلها وأغناها بالمواد الملونة الحناء البلدي. وتحتوي أوراق الحناء على مواد سكرية ودهنية، كما تحتوي أيضاً على عطر ومواد قابضة بالإضافة إلى مادة اللوزون الملونة، وهي مادة متبلورة برتقالية اللون وتذوب في الماء، وهي المسؤولة عن صبغ الشعر والصوف بلون برتقالي، في بادئ الأمر ثم يزداد هذا اللون عمقا مع الزمن لتأكسد المادة الملونة. أما أزهارها فهي خلابة المنظر، متعددة الألوان، زكية الرائحة لاحتوائها على زيوت طيارة. وهي شجرة من الفصيلة الحنائية، حولية ومعمرة، قد تمكث لنحو أكثر من عشر سنوات ، كما أنها دائمة الخضرة وغزيرة التفريع ولها أزهار فواحة صغيرة ذات لون أبيض وأحيانا أحمر.


تركيبة الحناء


واختلفت تركيبة تحضير الحناء في وقتنا الحالي عن الحناء التقليدية في الماضي، حيث كانت تعد الحناء الطبيعية في السابق دون أي إضافات كيميائية، وكانت تتخللها في معظم الأحيان قطرات من الخل أو الليمون لتعزيز اللون، أما الآن فأصبح للحناء ألوان عديدة، بإضافة صبغات ومواد كيميائية لها، فهناك السوداء، البنية، الحمراء المعروفة باسم دم الغزال والبرتقالية، كذلك اختلفت طريقة وضع الحناء عن السابق بكثير، حيث كانت في الماضي، تأخذ ثلاث أشكال مثل الغمسة وهي طريقة فرد الحناء على كامل الكف وتسمى باللغة العربية مخضبة، وهذه الطريقة لازالت موجودة إلى الآن، إلى ان النساء المسنات هن من يفضلن هذا النوع من التصميم، وهو يأخذ شكل المثلث في الغالب الموصول من الإبهام إلى البنصر، ورأس المثلث يكون ممتد إلى السبابة والدائرة المحاطة بالنقط. وتوضح عديلة محمد مصممة نقشات حناء، أن الزبائن لا يفضلن الحناء الطبيعية، لأن لونها يظل باهتا أو برتقالي، ويفضلن الحنة الممزوجة ببعض المواد الكيميائية، لأنها تختصر لهن وقت انتظار النتيجة وتبدو فيها النقشات أغمق وأوضح من الحناء الطبيعية.


نقش القصة


إن أشكال الحناء اليوم اختلفت عن السابق، حيث كانت النقوش في ذلك الوقت مختلفة ولكل رسمة اسم، فنقش «القّصة» و«أبو البيطان» للعروس والمتزوجات، أما الفتاة قبل الزواج فكان عليها أن تتخضب على شكل «الغمسة» وهي طلاء اليد كاملة كالقفاز، وكذلك الكبيرات في السن يتحنين بنقش الغمسة و«الجوتي» أي تطلي أرجلها بالحناء وكأنها تلبس الحذاء ، وكانت تتحنى بها المرأة أكثر من مرة حسب اللون الذي ترغبه، فاللون الأحمر إذا تركته لساعات طويلة، أما إذا رغبت في الحصول على اللون المائل إلى السواد فتتحنى أكثر من مرتين وتضع مع الحناء ما يسمى «بداج الليل» وهو موجود عند العطارين، وكنا بالسابق نستخدم أعواد الثقاب في الرسم المطلوب.


رسوم ونقوش


وقالت إن الوضع في الوقت الحاضر تغير، فقد طغت رسوم ونقوش حديثة وجميلة، فأصبح الفتيات والنساء يحجزن في الصالونات النسائية قبل ليلة العيد عند الحناية أو أن تأتي حناية خاصة للمنزل، لتحنية اليد والقدمين بأجمل نقوش الحناء والتي تبدع فيها خبيرات النقش«المحنيات» في رسم أحدث الأشكال، التي تنوعت في مسمياتها وطريقة تحضيرها وسعرها، فمنها النقشة الهندية والإماراتية والسودانية والنقش الطاووسي، وتختلف باختلاف المواد وعرض خط الرسمة ونوعها، كما ظهرت ألوان متعددة كالأحمر والأسود والكوكتيل والعنابي، وهكذا فإن الكثير من الأنواع التي تطلبها كل واحدة حسب رغبتها، مشيرة إلى أن النقش الهندي الأكثر طلبا بين السيدات،بينما تفضل الفتيات النقش الناعم والرسوم الهندسية والأزهار وأشكال الأساور والحروف، حتى كتابة أسمائهن على باطن اليد مع الرسم.


إستعمالات الحناء


يذكر أن الحناء عرفت منذ القديم، فقد استعملها الفراعنة في أغراض شتى، إذ صنعوا من مسحوق أوراقها معجونة لتخضيب الأيدي وصباغة الشعر وعلاج الجروح، كما وجد كثير من المومياء الفرعونية مخضبة بالحناء، واتخذوا عطراً من أزهارها، ولها نوع من القدسية عند كثير من الشعوب، ويستعملونها في التجميل، فتخضب بمعجونها الأيدي والأقدام والشعر، كما يفرشون بها القبور تحت موتاهم.


• إعلامي وباحث في التراث الشعبي


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم