الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

من يوميات أستاذ متعاقد في الجامعة اللبنانية!

المصدر: خاص "النهار"
روزيت فاضل @rosettefadel
A+ A-

تنقل "النهار" شهادة الدكتور علي خليفة، وهو متعاقد برتبة أستاذ مساعد في كلية التربية في الجامعة اللبنانية، يشرح فيها رؤيته لواقعه كأستاذ متعاقد والصعاب التي واجهها "أبناء جنسه" من أساتذة متعاقدين في صرح أكاديمي عريق، إذ اعتبر أنه "لا يزال ينبض بالحياة على الرغم من كل دواعي الموت ولا يزال يجمع اللبنانيين على الرغم من انقساماتهم، واسمه على مسماه: الجامعة اللبنانية."


وبلهفة مميزة، قال: "بدأنا نتحرك بشكلٍ نقابي منسق وهادف. تناديْنا إلى عقد الاجتماعات في الكلية وعبر مجموعات التواصل للإعلان عن الإضراب المفتوح عن سائر الأعمال الأكاديمية، بما فيها تسليم أسئلة الإمتحانات، لأن الجامعة اللبنانية تنهار في ظل وجود نحو 80 في المئة من أساتذتها متعاقدين...وأحيينا ترميم مجالس الفروع الطالبية، فانتخابات ممثلي الطلاب غائبة عن الجامعة اللبنانية بسائر كلياتها كغياب الديموقراطية وأنظمة التمثيل الصحيحة في البلد، وكان لا بد من أن نشرك الطلاب في هذا التحرك، لأن نجاح الإضراب يعني مستقبل جامعتهم وفشل الإضراب يمس مصلحة أساتذتهم واستمرار الإضراب، في ظل لامبالاة الأفرقاء السياسيين وإفلاسهم عن إيجاد الحلول، ما يضع الطلاب في إرباك شديد إزاء متابعة تحصيلهم".
كلية التربية والإضراب


بالنسبة إلى خليفة "لبنان ليس السويد والجامعة اللبنانية ليست جامعة ستوكهولم، حيث إن إدارة بعض الكليات، ومنها كلية التربية، لم تتفهم الإضراب". وقال:" على الرغم من ذلك، فرض الإضراب نفسه لأن الظلامة بحق الأساتذة المتعاقدين مزمنة وبلغت حداً لا يُحتمل، فالأستاذ المتعاقد في الجامعة اللبنانية، فضلاً عن عدم قدرته على العمل في الظروف التي تفرضها مستلزمات العمل الأكاديمي لناحية الانصراف إلى البحث، يحصل على عائداته المالية كل سنة ونصف السنة، وهو لا يتمتع بأي ضمان صحي ولا أي استقرار وظيفي... ".


تلاوين سياسية


لاحظ خليفة "كيف تلوّن كل فرع من فروع كلية التربية ومقر العمادة بالتلاوين السياسية التي تعكس ميل الإدارة أو المعطيات السوسيوغرافية للفرع: ففي الفرع الأول تمّ الاتصال بالأساتذة لحثهم على كسر الإضراب، في حين ساد الإضراب بشكل أوسع في الفرع الثاني..."، ونحن كأساتذة متعاقدين نتقاضى أجر الساعة التي نقوم بتعليمها فعلياً، الأمر الذي دفع بالعديد من الزملاء إلى كسر الإضراب والتدريس لتحصيل أجر الساعات، في حين استمر العديد من الزملاء الآخرين بالإضراب، الأشبه من الناحية المادية، بلحس السكين، ولكننا تمسكنا بالإضراب وبصفته الشرعية المكتسبة من قانون الجامعة وباعتراف رئيسها".
والطلاب كانوا ضحايا هذه الظروف، تابع خليفة، "بين أستاذ متفرغ همه وحسب متابعة التدريس رغم المشكلات التي تجتازها الجامعة والغبن اللاحق بزملائه، وأستاذ متعاقد لم يعد ملتزمًا بالإضراب لأن الدولة تدفع له مستحقاته عن الساعات الفعلية التي يدرسها ولا يريد أن يخسرها، وأستاذ متعاقد ملتزم بالإضراب أملاً بالوصول إلى الحق بالتفرغ عبر عملٍ نقابي يؤمن بأنه يمكن أن يحرك جبل اللامبالاة لدى السلطة السياسية المتسلّطة على قضايا الجامعة اللبنانية منذ عام 1997 حين صدر المرسوم المشؤوم القاضي بتعيين العمداء وتفريغ الأساتذة في الجامعة اللبنانية عبر مجلس الوزراء".


عصية على الحل


بالنسبة إليه، الطامة الكبرى حدثت بعد الاتفاق المبرم مع وزير التربية، في حضور ممثلين عن مجلس العمداء والرابطة والأساتذة، لأن ما وعد به رئيس مجلس الوزراء من إقرار ملفات الجامعة العالقة لم يستطع تنفيذه حتى الآن في ظل توالي حلقات مسلسل العرقلة والتعطيل والفراغ.
وأكد خليفة أن "الامتحانات جرت باستثناء مادتين أو ثلاث في الفرع الأول بسبب إصرار الإدارة على المضي بالمواعيد المحددة للإمتحانات، بمن حضر من الأساتذة وبمن حضر من الطلاب، في الفترة التي كان فيها الإضراب ساري المفعول وقبل تعليقه بموجب الإتفاق الذي تم التوصل إليه مع وزارة التربية".
وأشار إلى "استمرار انعكاس التلاوين السياسية والاعتبارات الشخصية لإدارات الفروع والكليات على مرحلة ما بعد الاتفاق مع وزير التربية وتحول الإضراب من مرحلة مقاطعة التدريس وإجراء الإمتحانات إلى مرحلة مقاطعة التصحيح وتسليم النتائج، حيث أقدمت إدارة الفرع الأول إلى إصدار النتائج بما تيسر منها ولجأت إلى وضع علامة صفر لطلاب الأساتذة المضربين عن التصحيح وتسليم النتائج، وبعد تنامي صرخة الطلاب وتدخل رئيس الجامعة شخصيًّا، تمّ تعليق إصدار النتائج، في حين كان الفرع الثاني قد أجّل إعلان النتائج، اقتداءً بالاتفاق مع وزارة التربية".
أضاف خليفة "إن الأساتذة المضربين لم يوقعوا حتى اليوم على الساعات التي ضاعت بسبب الإضراب، في حين تم ذلك في الفرع الثاني، في ظل وجود تعميم من رئاسة الجامعة باعتبار الإضراب ذا صفة شرعيّ لا تُنقص من نصاب التعليم".
بالنسبة إليه، "حين دخلت السياسة، من بابها الأبشع إلى الجامعة اللبنانية، أصبح كلّ فرع وكلية ينطق بلسان الاعتبارات السياسية، لا الأكاديمية ولا المطلبية، وأصبحت قضايا الجامعة تزداد تعقيدًا وتصبح عصية على الحل".
وختم قائلاً:"الأساتذة المتعاقدون من اعتصام إلى اعتصام، من مفرق القصر الجمهوري إلى قبالة السراي الحكومي بجانب تمثال رياض الصلح الذي يكاد ينطق ويقول: ما بال التماثيل في الحكومة اللبنانية اليوم عيونها لا ترى، وآذانها لا تسمع وألسنتها لا تنطق بما ينصف أكثر من 70 ألف طالب ونحو 1100 أستاذ متعاقد وعائلاتهم ...".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم