الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

Aquaphobia صدمة تخزِّنها الذاكرة!

سلوى أبو شقرا
A+ A-

تحاول ربى منذ بداية فصل الصيف إقناع صديقتها ريما بالذهاب إلى البحر لتمضية نهار على الشاطىء والاستفادة من الطقس الجيد وممارسة هواية السباحة، لكنَّ ريما ترفض دوماً الدعوة قائلة: "أنا أخاف الاقتراب من البحر، وأعاني من فوبيا تجاهه". وهذا ما يُعرف بالـ Aquaphobia أي رهاب الماء، فما هي الأكوافوبيا، أسبابها وكيفية علاجها؟


ما هي الـ Aquaphobia؟


تتمثَّل الـ Aquaphobia بنوبات من الهلع والخوف غير المبرر، تصيب الشخص لدى اقترابه من البحر أو النهر. وللفوبيا فرضيات، أبرزها فرضية الصدمة والأذى نتيجة تعرُّضه لحادثة تؤدي الى تفاقم مشاعر الخوف التي يتم تخزينها في ذاكرته.


أنواع هذه الفوبيا وأسبابها
تقسم الأكوافوبيا إلى قسمين: الأول هو خوف طبيعي تكون أسبابه معروفة ومنطقية، والثاني خوف مرضي، وفيه تكون أسباب الخوف غير معروفة وغير منطقية. وهنا لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ جميع أنواع الخوف المرضي لديها نقطة مشتركة وهي عدم وجود مبرر منطقي للشعور بالخوف.
أما أسباب هذه الفوبيا فعديدة، منها مباشر كتعرُّضه في صغره لحادث غرق، ما يجعله يتجنّب الاقتراب من أي مسطحات مائية مهما كان عمقها، أو غير مباشر عبر رؤيته أحد الأشخاص يغرق، أو سماعه قصصاً متعلقة بالغرق أو بالوفاة جراء الغرق، أو مشاهدته أخباراً تتعلق بالفيضانات، والتي من الممكن أن يعممها فتُسبب له خوفاً من حدوث الشيء نفسه له عند الاقتراب من الماء، ما يجعله يرى فى المياه خطراً يهدد حياته.
واختلف العلماء حول أسباب هذا الاضطراب فمنهم من أرجعها الى الوراثة عبر الإشارة إلى أنَّ الآباء يورثون هذا الخوف لأبنائهم، معللين رأيهم بالقول "إنَّ هناك أشخاص لديهم قابلية أكثر للإصابة بالفوبيا، وهذه القابلية قد تكون أسبابها جينية". فيما أشار علماء آخرون إلى أنَّ الفوبيا هي "خوف يكتسبه الإنسان خلال مرحلة التنشئة الاجتماعية"، أي ترجع أسبابه إلى عوامل نفسية واجتماعية كمروره بصدمة نفسية أو تعرضه لحادث مخيف.


كيفية مواجهة هذه الفوبيا؟
إنَّ معرفة الأسباب الكامنة وراء خوف الشخص من الماء يساعده في إتباع طرق كفيلة بالتخفيف من هذا الخوف، وقد يكون الأمر صعباً في بدايته. لذا، لا بدَّ من تشجيعه على الاقتراب من المسطحات المائية تدريجاً من دون إجباره على القيام بذلك في حال لم يكن يرغب، أو من الممكن دعوته للجلوس الى جانب بركة، ومحاولة إقناعه بغمس قدميه في الماء والاسترخاء. فإذا شعر أنَّه مستعد للنزول تدريجاً الى الماء، من الممكن إقناعه بتغطية جزء كبير من جسمه بالماء، وهنا، سيجد نفسه قادراً على البقاء في المياه، وبمجرد أن يطمئن ويبتعد عن التوتر العصبي الذي كان يشعر به، سيبدأ بالتحرّك في حوض السباحة أو البحر، وبالتالي، سيشعر بالراحة والاستمتاع.


العلاج النفسي ضروري!
يشير الطبيب والمعالج النفسي جمال حافظ في حديث لـ "النهار" إلى أنَّ "فوبيا الماء لها أصول، فهي عبارة عن نقطة ارتكاز أساسية هي القلق، الذي يعتبر شعوراً نفسياً بالخطر ويكون مجهول المصدر. والقلق بحسب الدكتور حافظ شعور موجود لدى الإنسان السوي عقلياً وفكرياً ونفسياً، وسلوك مبنيٌّ على فعل ورد فعل، وللفعل مقوِّمات فوقيَّة أساسية موجودة في تفكيره مثل القانون، والدين، والعادات والتقاليد وسلطة الأهل، تسيطر على رغباته التي تطلبها الأنا الداخلية. وإذا أراد الحصول على شيء يذهب للأنا الأعلى، فإذا كانت رغبته قوية تمكَّن من تحقيق ما يرغب، أما في حال لم تكن لديه رغبة فينشأ صراع بين الأنا الداخلية والأنا الأعلى".


ويلفت الدكتور حافظ إلى أنَّ "تفاقم القلق والخوف من الاقتراب من المياه يعتبر حالاً مرضية حادة، تتطلب تدخلاً علاجياً يعتمد على برامج علاجية خاصة تقسم الى فئتين: الأولى، علاج ما بعد الصدمة، ويشتمل على التهدئة والدعم وعكس التجارب السلبية الى إيجابية. أما الثانية، فتمثل علاجاً نفسياً طويل الأمد، يقوم على دراسة وضعه عبر العلاج الإيحائي والتوكيدي- المعرفي أي علاج تحليلي و/أو سلوكي- معرفي بحسب حدة المرض وهذا ما يقرره المعالج النفسي بعد لقائه المريض، حيث يحاول وضع الحجة والتحليل، أي الشرح له كلامياً عن الماء، والسباحة، وكيفية تحريك الجسم، وتقبُّل الماء أو فكرة الغطس، ومن ثمَّ الانتقال للتنفيذ على أرض الواقع عبر حثِّه على الذهاب إلى مسبح، وتوكيل منقذ بحري ليبقى بجانبه ويعطيه الإرشادات اللازمة. ويُفضَّل في البدء أن يسبح في حوض سباحة كي تكون السباحة آمنة أكثر بالنسبة إليه، وفي حال نجح في ذلك يمكنه الانتقال لاحقاً إلى الاقتراب من البحر والسباحة فيه. قد ينجح المريض في تخطي هذه الفوبيا بعد خضوعه لعشر جلسات لدى الطبيب النفسي. لكن في حال عدم نجاح هذه الأساليب معه، فيمكن اللجوء إلى علاج دوائي مخفف للقلق لإعادة الشعور بالطمأنينة والاستمتاع بالحياة وممارسة كل هواياته كبقية أصدقائه.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم