الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

حلّوا عنّا

جمانة سلّوم حداد
A+ A-

يا أطفال سوريا، يا أطفال العراق، يا أطفال فلسطين، ويا أطفال العذاب في الأمكنة كلها: وحدكم تستطيعون أن توقفوا الحروب.
الحياة تموت في غزة. وتموت في حلب. وتموت في كل مكان من هذا الشرق الملعون. في هذا الوادي الجهنمي الراكض الى جنونه، شيء واحد يستطيع أن يصنع أعجوبة. سرٌّ واحد يستطيع، هو سرّكم أيها الأطفال.
أنظر اليكم من يأسي المزدهر وأعثر على وجوهكم البيضاء في متاهات الخوف والدمار. وحدكم تستطيعون أن تنشروا الحكمة في رعونة هذا العالم. الى أن ترفعوا عن بلدانكم وصمة أقدارها الرعناء.
أخرجوا أيها الأطفال من الكابوس بقوة أحلامكم. سافروا في ألعابكم وضحكاتكم. ولتقضّ دموعكم ندى النائمين وأمان الآمنين المطمئنين. اخرجوا من الملاجىء ومن الغرف المعتمة. إفتحوا توابيت الهواجس في عقول الأسياد والرؤساء، ولا تنسوا الملوك والأمراء. أغرزوا أظفاركم الجريئة في لحوم قلوبهم، وليكن الهمّ طعامهم والعلقم شرابهم.
أيها الأطفال، خذوا معكم تأوهات أمهاتكم ويأس آبائكم وركام بيوتكم وبقايا ألعابكم المكسورة. خذوا معكم أيضاً ثورتي وغضبي، حبّي وحقدي، ضعفي وشقائي، ورغبتي في أن تربحوا طفولاتكم المسروقة. لي عنكم رجاء وحيد: امنعوا العيش الهنيء على الطغاة من كل جنسٍ ونوع.
ليس لنا أيها الأطفال سوى طفولاتكم نحتمي بها لنردّ كيد الكائدين.
■ ■ ■
أتابع منذ بدء الحرب المجرمة على غزة بعض منابر الصحافة الأجنبية، وأعجب كيف يمكن العالم الغربي، الأوروبي خصوصاً (اذ لا مفاجآت في الموقف الأميركي العليل "خُـلُقياً")، أن يواجه ممارسات إسرائيل الداعرة في فلسطين بهذا الصمت المتواطئ، أو أن يدرج هذه الممارسات بإصرار ببغائي في باب "الدفاع المشروع عن النفس" في وجه "حماس". مثقفون ومحللون وعلماء وجامعيون وكتّاب، معروفون بصدقيتهم ونزاهتهم ورجاحة حكمهم وموضوعيتهم، يتعامون عن بديهيات الظلم والجور وقتل الأبرياء، ويصطفّون بطواعية الدمى المتحركة الى جانب إرهاب الدولة الإسرائيلية. إنها من دون شك حلقة جديدة من ذلك المسلسل المكرور، الذي لا نهاية قريبة أو بعيدة له على ما يبدو: مسلسل عقدة الذنب الأوروبية تجاه اليهود. عقدة ذنب كلّفتنا نحن العرب الكثير، مثلما كلّفت - وستظل تكلّف - القارة القديمة جزءاً لا يستهان به من خصائصها وامتيازاتها وقيمها الإنسانوية.
تداعيات النازية اللعينة أفدح وأبقى مما كان هتلر نفسه ليتصوّر. مرّةً أخرى، يتجاوز المخلوق الوحش تطلّعات خالقه.
■ ■ ■
إسرائيل؛ سوريا الأسد؛ إيران؛ السعودية. قطر. أميركا. وهلمّ.
تعدّدت الأسماء والأقنعة، لكن القتيل الإنسان واحد.
نريد أن نعيش: حلّوا عنّا


[email protected] - Twitter: @joumana333

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم