الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الكنيسة الارثوذكسية وتحدي "المؤتمر الانطاكي"

المصدر: "النهار"
بيار عطاالله
A+ A-

أهم ما في المؤتمر الانطاكي الذي دعا اليه بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر، هو الدعوة الى المؤتمر في حد ذاتها على ما يقول "اصلاحيون ارثوذكس". وهم يعتبرون أن خطوة البطريرك الشاب تمثل بارقة أمل وثورة على الذات، بعدما كانت الاشارة الى كلمة اصلاح مجرد حلم يراود المخلصين من أبناء الكنيسة من بين الاكليروس والعلمانيين اللذين حاولوا عبثاً اعلاء الصوت ورفعه من أجل المطالبة باصلاح أحوال الكنيسة الارثوذكسية التي يفخر اتباعها بأصول كنيستهم وتاريخها الكبير وعلاقاتها المسكونية، والاهم تلك العروة الوثقى والحميمة التي تجمع الارثوذكسية مع العروبة دون أن ينتقص ذلك لا من مسيحية الارثوذكس وفخرهم ولا من عروبتهم التي يرجعونها الى الغساسنة وكل قبائل العرب، كما كان يفاخر الكبير الاستاذ غسان تويني.


أسئلة كثيرة ومواضيع خطيرة سوف يناقشها المؤتمر، وتحتاج لا الى يوم واحد في دير البلمند بل الى أيام نظراً الى ضخامة الملف الاصلاحي. ويقول الاصلاحيون في الكنيسة الانطاكية، "ان امر الدعوة الى المؤتمر الانطاكي احتاج الى شجاعة من البطريرك يوحنا العاشر يازجي، ذلك أن جمع شمل الكنيسة الارثوذكسية الانطاكية بكل أطيافها من أكليروس وعلمانيين ليس أمراً محبذاً لدى كثير من المنتفعين وأصحاب المصالح الخاصة الذين يرون في استمرار احوال الكنيسة على ما هي عليه خير سبيل لتأمين مصالحهم الخاصة جداً، على حساب "اهتراء وتضعضع الكنيسة كمؤسسة تاريخية وحاضنة لأحد أقدم كنائس الشرق".
وبهذا المعنى تبدو الدعوة الى المؤتمر تحدياً صارخاً وكبيراً يرفعه البطريرك يازجي في وجه الاستمرار في سياسة استتباع الطائفة برمتها ورهنها لحساب هذا الطرف أو ذاك اضافة الى تسخيرها لمصالح فئوية ضيّقة. ومن الاسئلة الاساسية التي سيكون على المؤتمر مواجهتها هو الموقف من ترهل الاكليروس ورجالاتها.


التحدي الاكبر


والتحدي الأكبر الذي يواجهه المؤتمر، يتمثل أولاً في وضع جدول أعمال واضح له، يشكل خريطة طريق للمجتمعين نحو الخروج من حال التراجع و تردي الاوضاع التي تواجها الكنيسة الانطاكية الارثوذكسية، وهذا ما يحتاج الى اعادة تفعيل حضور العلمانيين في الكنيسة عن طريق اشعارهم أنهم جزء عضوي واساسي من بنية الكنيسة الجامعة، وأنهم ليسوا مجرد رعية لا حول لها ولا قوة ولا قرار الا في دفع التبرعات واداء الواجبات الروحية. والمطلوب على هذا الصعيد هو تنظيم هذه العلاقة وترتيبها بشكل علمي ومنهجي. وتشكيل لجنة من الاختصاصيين مع صلاحيات واسعة وتحت اشراف البطريرك يوحنا العاشر لكي تتولى وخلال مهلة محددة وضع تصور لتنظيم هذه العلاقة التي تشكل حجر الزاوية في بناء الكنيسة وتطورها ومأسستها والسير بها نحو المستقبل.
واستطراداً تتجلى الخطوة الثانية (والكلام دائماً للاصلاحيين)، في تنظيم مؤسسات الكنيسة واشراك العلمانيين في ادارة شؤون مؤسساتها الاجتماعية والصحية والتربوية والانسانية، ويقتضي ذلك اشعار العلمانيين أنهم ليسوا جسماً غريباً في الكنيسة بل هم مكون أساسي وعضوي في تركيبتها. وهذا ما يقتضي العمل على تفعيله من تشكيل هيئات مساندة لعمل الكنيسة الاداري، حيث اثبتت التجارب المتراكمة أن ثمة علامات أستفهام كبيرة تحتاج الى توضيح وثمة ارقام وملفات بحاجة الى معالجة رصينة وهادئة لكي يتضح الخيط الابيض من الاسود.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم