الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

كيف بنى "داعش" امبراطوريته المالية؟

A+ A-

خلال يومين، قلب تنظيم "داعش" ميزان القوى في العراق. قوّض هيبة الجيش وخلخل حكم نوري المالكي. أتاح للأكراد السيطرة على كركوك، وأعاد اشعال الجبهات الطائفية، مهددا الخريطة الجيوسياسية للمنطقة برمتها. غزوه المدوي فاجأ مسؤولين أميركيين وعراقيين على السواء، إلا أنه بدا لخبراء تتويجا لاستراتيجية بدأها "تنظيم الدولة الاسلامية في العراق" عام 2006 وثابر خلفه عليها، وخصوصا منذ الانسحاب الاميركي من العراق.


من سياسة التهميش التي اعتمدها المالكي حيال السنة، مرورا بسياساته الامنية وسيطرته على مفاصل الحكم، وصولا الى النزاع السوري والتقارب الايراني – الاميركي، بدت كلها عوامل هيأت الاجواء لضربة "داعش". غير أن هذا الفصيل الاسلامي المنشق عن "القاعدة" الأم كان بدوره أكثر طموحا وفاعلية مما تصورت واشنطن عندما كانت تنهي تورطها في العراق.
واجه الجهاديون السنّة هزيمة قوية على أيدي القبائل التي انضمت الى القوات الاميركية، مما اضطرهم الى الانسحاب من غرب العراق الى مناطق حول الموصل. لكن هؤلاء بدأوا ينتعشون تدريجا بعد انتهاء الانسحاب الاميركي في نهاية 2011. وعرفوا لاحقا كيف يستغلون الاستياء الواسع بين العراقيين السنة وخصوصا من سياسات المالكي، وتحالفوا مع جماعات سنية مسلحة أخرى، مثل البعثيين السابقين وميليشيات قبلية أخرى، وحّدها العداء لحكام بغداد.
وشكل نشوب الحرب في سوريا فرصة لانطلاقة جديدة لهؤلاء الجهاديين. وعلى حد تعبير الباحث الاميركي بريان فيشمان، إن "داعش غزا سوريا من الموصل قبل وقت طويل من غزوه الموصل من سوريا".
تعلّم "داعش" من تجربته في العراق معتمدا استراتيجية مختلفة في سوريا. هنا ركز على الاستيلاء على مناطق تخسرها القوات السورية ويعجز "الجيش السوري الحر" عن السيطرة عليها تماما. تجنب المواجهات المباشرة مع قوات النظام مقللا الخسائر البشرية والمادية في صفوفه. وطوال العام الماضي كثرت التقارير الاستخبارية عن تدفقات مالية ضخمة اليه من حقول النفط التي سيطر عليها اواخر 2012، وأعاد بيع بعض منها للنظام السوري. ولم تكن وارداته أقل من تهريبه غنائم الحرب على أنواعها، بما فيها القطع الاثرية التي لا تقدر بثمن. هكذا في أقل من ثلاث سنوات تحول "داعش" من حفنة من العصابات الى المجموعة الارهابية ربما الاكثر ثراء وقوة حول العالم.
قبل غزو الموصل كشفت وثائق ضبطتها القوات العراقية لدى رئيس المجلس العسكري لـ"داعش" ان حجم ثروة التنظيم تقدر بـ875 مليون دولار. ولكن بعد حربه الخاطفة واستيلائه على أموال مصارف ثانية كبرى المدن العراقية ومعدات عسكرية متطورة وأجهزة اتصالات معقدة، أضاف التنظيم بسهولة الى ثروته بحسب "الغارديان" 1,5 مليار دولار. ومع أكثر من ملياري دولار، لا شك في ان التنظيم "باق وسيتمدد" (كما في شعاره) بمساندة جهات خارجية أو من دونها.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم