الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

رئيس جمهوريتي

جمانة سلّوم حداد
A+ A-

أريده، أولاً، "رجل دولة": هل تذكرون هذه العبارة ومعناها؟ لقد افتقدناها طويلاً في الحياة السياسية اللبنانية الموحلة خلال العقود الأخيرة. أريده رجل دولة، أي نزيهاً، شامخاً، ذا كرامة وعنفوان وهيبة. صاحب صوتٍ لا يخشى قول الحقيقة، ولا يرضخ للابتزازات.


أريده، ثانياً، "نظيفاً"، حصيناً من إغراءات البيع والشراء، ومن الصفقات التي تعقد تحت الطاولة، ومن آفة "حكّلّي تحكّلّك". أمين مستقيم و"عينه شبعانة"، يجلس على الكرسي ليخدم شعبه، لا ليتعبّد لهذا الكرسي ويعتبره دجاجة تبيض ذهباً.
أريده، ثالثاً، مثقفاً. لا ضرورة للشرح ولا للاستفاضة.
أريده، رابعاً، جسوراً، لا يهاب اتخاذ موقف قاطع وصريح و"صادم" عند الضرورة، وإن كان هذا الموقف يُفقده بعضاً من شعبيته لدى هذا الفريق أو ذاك. فريقه هو الحقّ، لا 14 ولا 8. لا المسيحيون ولا المسلمون. لا أريده يكسر من جهة ويجبر من ثانية، بحجة الوفاق. يستطيع أن يقول "لا" لسلاح حزب الله المتطاول على سلطة الدولة وجيشها. يستطيع أن يقول "لا" لتدخل الحزب نفسه في الحرب السورية، الذي يأخذ بنا إلى الهاوية. يستطيع أن يقول "لا" لمال أهل الخليج ومشاريع إيران وأكاذيب أميركا. هل يعني ذلك أن جمهوره سينكمش؟ ليكن. جمهوره هو ضميره الوطني، لا مصالح من يطبطبون على ظهره ليشتروه.
أريده، خامساً، مع الحرية: حرية الفكر، حرية التعبير، حرية الروح والعيش والكلمة.
أريده، سادساً، لو سمحتم، "نسوياً"، أي إنسانياً. يؤمن بالعدالة والمساواة، وبالحقوق لجميع المواطنين.
أريده، سابعاً، علمانياً. يكفي أن عليه أن يكون مارونياً، بحسب طريقة توزيع قطع الكاتو في هذا النظام المخزي، ولكن أقلّه ليكن مارونياً في حرمة بيته وروحه، لا في أسلوب حكمه.
أريده، أيضاً، مواطناً "مثالياً" يتمتع بروح مدنية عالية: يتوقف عند إشارات السير الحمراء؛ يدفع الضرائب؛ يحترم الطبيعة والبيئة؛ لا يرمي الزبالة في الشارع العام؛ لا يحتقر ذوي البشرة الداكنة أو الطبقة الاجتماعية الأدنى أو الميول الجنسية المختلفة؛ ينتظر دوره في الصفّ؛ لا "يفشّخ"، لا يبرطِل ولا يبرطَل.
لا بدّ أنكم أدركتم، منذ السطور الأولى لهذا المقال، أنه شبه مستحيل، رئيس جمهوريتي. لا بدّ أنكم تهزّون رؤوسكم بينما تقرأون، وتقولون في سرّكم إني لستُ واقعية، ولا منطقية، ولا براغماتية؛ وإن الرئيس الذي أتوق إليه لن يكون موجوداً يوماً، إلا في رأسي وخيالاته، لا بل "هلوساته"؛ وإني محض حالمة في بؤرة من الأوساخ التي لا مفرّ منها ولا ملاذ.
حسناً. ليكن. فلن أكفّ عن الحلم.


[email protected]
Twitter: @joumana333


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم