الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هذا ما كان ينتظر اللبنانيّين لو أقرّت الأرقام المضخّمة وإيراداتها \r\nالسنيورة لـ"النهار": السلسلة ستُقرّ بمقاربة جديدة وواقعية

سابين عويس
سابين عويس
A+ A-

بين التصعيد النقابي المرافق للجلسات النيابية والضغوط الاقتصادية والمصرفية، ضاعت الحقيقة حول سلسلة الرتب والرواتب، لتغرق في وحول السياسة والحسابات الشعبوية، فكان مصيرها الحتمي التأجيل، لعل في مهلة الاسبوعين التي أعطيت للجنة النيابية ما يعيد تصويب الامور ويتيح قراءة متأنية في مناقشات الايام النيابية الطويلة.


كل مؤشرات الجلسة العامة توحي بأن ما شهده المجلس هدف الى "تطيير" السلسلة وحماية المصالح الاقتصادية بعدما أنتج تحالفات جديدة خرجت عن الاصطفاف التقليدي لـ8 و14 آذار، بتحالف تكتل "التغيير والاصلاح" مع تيار "المستقبل". ولكن هل هذا الانطباع في محله، وهل طارت فعلا السلسلة، خصوصا بعد دعوة رئيس المجلس نبيه بري النواب الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية في 23 الجاري ما فتح الباب على الاستحقاق الرئاسي، ونقل البلاد الى مشهد جديد، من شأنه أن يضغط على العمل التشريعي ويضيّق هامش الحركة أمام المشرّعين؟
يرفض رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة اضفاء أي بعد سياسي على المناقشات النيابية، كما يرفض الاتهامات بأن ما حصل "هُرّب" في ليلة ظلماء، ويسأل: "هل تصويت 65 نائبا يعتبر تهريباً؟" مؤكداً "أن السلسلة لم تطر أبدا بل هناك عمل جدي سيتم في الاسبوعين المقبلين من أجل التوصل الى مشروع يراعي الحقوق ومصلحة الخزينة والاقتصاد"، معتبرا أنه "تمت مقاربة ملف السلسلة بشكل خاطئ منذ البداية".
والواقع، أنه في ظل المعمعة التي رافقت موضوع السلسلة، ضاعت حقيقتها في ظل التجاذب الحاد بين مطالب الهيئات النقابية وسعيها الى ممارسة الضغط على المجلس لدفعه نحو اقرارها، مقابل تحرك ضاغط للهيئات الاقتصادية والمصارف لمنع سلة الضرائب المقترحة.
وأخطر ما شهده الكباش على السلسلة أنه وضع الليرة في مهب التجاذب، مهددا الاستقرار النقدي، بعدما ساهمت بعض الجهات الفاعلة في اشاعة ضغوط على الليرة حركت هدوء سوق القطع وخلقت نوعا من الخوف لدى المودعين.
وفيما عزيت تلك الاجواء الى تحذيرات حاكم المصرف المركزي رياض سلامة أمام النواب من مخاطر التمويل الاضافي غير المؤمن على الليرة وعلى التصنيف، فان ما سمح بقلب الصورة أمس واشاعة بعض الارتياح في السوق، أن سلامة المرشح الجدي للرئاسة لن يسمح باطاحة الانجاز الاكبر والاهم في رصيده المتمثل بدفاعه عن العملة الوطنية انطلاقا من موقعه، وحمايته للاستقرار النقدي.
ولكن هذا الارتياح يبقى هشاً ما لم تتضح معالم التسوية التي تنتظر السلسلة، علما أن هناك شبه تأكيد أنها ستقر ولكن وفقا لمقاربة جديدة ثمة توافق ضمني عليها بين عدد من الكتل ولا سيما "المستقبل" و"التغيير والاصلاح"، لانجاز مشروع متكامل يرتكز على المحاور الرئيسية التالية:
- تقليص أرقام السلسلة والغاء كل الفوائض الملصقة بالمشروع المحال أساسا من الحكومة السابقة.
- تقليص الفروقات الحادة بين الاسلاك المعنية ( العسكرية والتعليمية والادارية).
- تأمين الايرادات من أبواب ضريبية تؤمن العدالة.
- تجزئة السلسلة لمنع آثارها التضخمية، والغاء المفعول الرجعي.
- اقرار الاصلاحات الجذرية التي تعيد انتاجية القطاع العام وتوقف الهدر فيه.
- وكان الوصول الى مثل هذه التسوية تطلب مخاضاً عسيراً لم ينته بعد من أجل اخراج الملف من التجاذب السياسي والضغط النقابي، الذي أفقد الموضوع واقعيته.
فمن أين بدأ الملف وكيف انتهى مضخماً الى حد دفع رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" الى التحالف مع تيار "المستقبل" وسحب الملف من يد رئيس لجنة المال والموازنة ابرهيم كنعان وتسليمه الى النائب ألان عون الذي شارك أمس في أول الاجتماعات التحضيرية للسلسلة.
فبعدما أحالت الحكومة السابقة السلسلة الى المجلس، بقيمة 1669 مليار ليرة منها 850 ملياراً كلفة غلاء معيشة، وباقتراحات ايرادات بـ 1340 مليارا، شهدت السلسلة اضافات في لجنة المال والموازنة رفعت مجموعها الى 2367 مليار ليرة. ولحظت الزيادات ما مجموعه 340 مليار ليرة كالآتي:
- تعويضات عائلية: 125 مليار ليرة.
- مساهمات للمؤسسات العامة: 160 مليار ليرة.
- اشتراكات للضمان الاجتماعي: 28 ملياراً.
- مساهمات الدولة في المدارس الخاصة المجانية: 27 ملياراً.
أضيف اليها ما مجموعه 357 مليارا وزعت كالآتي:
- متممات راتب للأسلاك العسكرية ( تعويض تجهيز): 277 مليار ليرة.
- 6 درجات للجهاز الاداري: 30 ملياراً.
- معاشات تقاعد: 50 ملياراً.
ما لبثت هذه الارقام أن خضعت لزيادات طرحها وزير المال علي حسن خليل على اللجنة بعدما تبين له أن الارقام العائدة للمتقاعدين غير دقيقة، وكان برز في حينها التفاوت بين الارقام المقدمة من اللجنة وارقام وزارة المال. وقد رفع خليل الكلفة بقيمة 530 مليارا لتصبح الكلفة الاجمالية 2900 مليار.
أمام هول الارقام، تقدم النائب غازي يوسف باقتراح اعادة السلسلة الى الحكومة لدرسها فاتهم بالتأخير والاعاقة.
اقترح كنعان زيادة الايرادات الى 2300 مليار ليرة من خلال رفع الضريبة على القيمة المضافة على الكماليات بنسبة 15 في المئة وتعديل المواد 72 المتعلقة بتوزيع ارباح شركات الاموال و73 لجهة التفرغ عن الاسهم و51 المتعلقة بحسم الضريبة على الفوائد من ضريبة الارباح. ففتحت الجبهة مع المصارف.
تحذير الحاكم يلجم المزايدات
مع طرح زيادة الضرائب على المصارف، دخل النقاش في المزايدات بين المدافعين عن الفقراء وحماة "حيتان المال"، جاء كلام الحاكم ليلجم الاندفاعات ويضبط ايقاع الجلسة على رغم غمزات "حزب الله" من قناة "التجزئة" والتقسيط واللغة الانكليزية.
فالحاكم كان واضحاً وصارماً لجهة التزامه الاستقرار النقدي والتسليفي والحفاظ على الثقة موضحا ان اقرار السلسلة بأرقامها قد يضغط على العملة ويؤثر على التصنيف ويزيد التضخم، اذ سيؤدي الى رفع الفوائد بين 3 و4 نقاط، علما ان كل نقطة توازي 650 مليون دولار زيادة في خدمة الدين.
من هنا، ولد اقتراح تجزئة السلسلة. وعليه، تقدم وزير المال باقتراح التجزئة على 3 دفعات مع حق المستفيدين من مفعول رجعي كالتالي:
- من 1/7/2014 الى 1/7/2015: 700 مليار ليرة.
- من 1/7/2015 الى 1/7/ 2016: دفعتان بـ 700 مليار كل دفعة.
- من 1/7/2016 الى 1/7/2017: تدفع كاملة.
- من 1/7/2017 الى 1/7/2018 تدفع كاملة مع المفعول الرجعي للعام 2013 مع الاجزاء المتبقية من 2015 و2016 اي ما مجموعه تقريبا 6500 مليار ليرة.
وقد قوبل هذا الاقتراح برفض المستقبل لما يرتبه من كتلة نقدية ضخمة تستحق في سنة واحدة تعني عمليا تأجيل الانفجار 4 سنوات.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم