الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

فاتي أكين لن يشارك في مهرجان كانّ

المصدر: النهار
A+ A-

"القطع" للمخرج الألماني التركي فاتي أكين من الأفلام التي كانت منتظرة أو مرشحة للعرض في الدورة المقبلة من مهرجان كانّ (14-25 أيار). ولكن، فجأة، أعلن أكين انه يفضل عدم المشاركة "لأسباب شخصية". من المعلوم ان الفيلم يطرح في جزء منه قضية الابادة الأرمنية (1915)، فهل ضغطت السلطات التركية على هذا المخرج لمنعه من الكشف عن تفاصيل فيلمه في أكبر تظاهرة سينمائية في العالم حيث تحتشد آلاف وسائل الاعلام؟


يحاول المهتمون معرفة دافع أكين والذهاب أبعد من "الأسباب الشخصية"، مذ نشرت شركة "بيراميد" للانتاج الخبر. لكن التخمينات سلكت دربها المعتاد، من دون ان تصيب الهدف، لأن قلة تعرف عمّا يتكلم الفيلم (أب يبحث عن أولاده خلال الحرب العالمية الاولى). ولأن الفيلم سيبدأ عرضه في الصالات الألمانية في السادس عشر من تشرين الأول، جعل البعض يتوقع عرضه في مهرجان البندقية أو تورونتو.
الضغوط الديبلوماسية في مجال السينما ليست جديدة. احياناً تنجح المساعي تلك، واحياناً تخفق. عام 2002، عرض المخرج الكندي أتوم ايغويان في كانّ فيلمه "أرارات" عن الابادة، وسط انتقادات لاذعة وهجوم شرس من الصحف التركية وبعض هيصات الاستهجان التي وصلت الى السجادة الحمراء لدى دخول فريق العمل الى القصر. لكن فيلم ايغويان شقّ طريقه الى المهرجان وإن خارج المسابقة. السلطات التركية كانت دائماً تلجأ الى اسلوب الضغط عبر سفاراتها كي يُسحب هذا الفيلم او ذاك، ولعل أشهر مثال هو فيلم "قطار منتصف الليل" لألن باركر. قبل عامين، في مهرجان مونس البلجيكي، تمّ سحب فيلم "رياح أرمين" لأسباب غير معروفة.


فاتي أكين، المخرج الذي سبق أن نال جائزة في كانّ وجائزة "الدب الذهبي" في برلين، لم يخف يوماً انحيازه للقضية الأرمنية. العام الماضي، خلال احتجاجات اسطنبول، بعث برسالة مفتوحة الى الرئيس التركي عبدالله غول يقول فيها: "أخاطب ضميرك: اوقف هذا الجنون".
شارك في تأليف "القطع" مارديغ مارتن، السيناريست الذي سبق أن عمل على ثلاثة أفلام لمارتن سكورسيزي، منها "الثور الهائج". وعلى الرغم من انه متقاعد الآن (مارتن أرمني من مواليد ايران عام 1936)، عاد الى الكتابة ارضاء لرغبة اكين. سكورسيزي التقى مارديغ في الستينات وكانا آنذاك من تلامذة هايغ مانوغيان. كان أكين يريد كاتباً أميركياً وطلب الى جماعة سكورسيزي تعريفه إلى مارديغ. "القطع" كما يصفه أكين، خلاصة ثلاثيته عن الحبّ والموت والشر، وجرت عملية التقاط المشاهد في بلدان عدة، منها ألمانيا وكوبا وكندا والأردن، ويتولى البطولة الممثل الفرنسي طاهر رحيم الذي يبقى صامتاً طوال الفيلم. "القطع" من نوع الوسترن، تجري حوادثه في مطلع القرن الماضي، ناطق باللغة الانكليزية مع تداخل لغات أخرى. كلف نحواً من 15 مليون أورو.


عندما التقته "النهار" على هامش مهرجان مراكش في كانون الأول من العام الماضي، كان مشروع "القطع" الذي حمله في أحشائه منذ سنوات، يثير أرق فاتي أكين. مشروع عزيز عليه شغله سبع سنوات. عندها، كان انهى التصوير للتوّ ودخل به الى غرفة المونتاج وكان يأمل أن يكون جاهزاً لمهرجان كانّ الـ67 وأن تقبله الادارة والاّ يتعرض لأزمة كبيرة. عندما سألته عن سبب الأزمة، لم يرغب في قول الكثير، نظراً لحساسية الموضوع الذي يتطرق اليه. لكنه اعترف أنه لم يبلغ بعد مرحلة يكون فيها راضياً عن الفيلم بشكل كامل. عندما سألته عن صحة ما يُشاع (تناوله الإبادة)، كان ردّه: "هيئ نفسك لمفاجأة!". الصديقة الصحافية التركية التي رافقتني الى المقابلة تلعثمت وهي تسأله عن موضوع الإبادة، وعرفتُ لاحقاً أن جريدتها لم ترد أن تنشر أيّ شيء عن أكين. كلّ ما أراد أن يقوله في محتوى فيلمه هو الآتي: "أجمع العناصر التي أضعها في تصرفك: فيلم وسترن، طاهر رحيم، أحصنة، طلقات نارية، هنود حمر...". بعد ساعات قليلة من اللقاء معي، كان لأكين موعد شخصي مع سكورسيزي ليستشيره في فيلمه غير المنتهي بعد، بعدما نظم عرضاً خاصاً له الليلة السابقة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم