الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

في ظلّ التشكيك بإنجاز الاستحقاق في موعده هل كان تسهيل تأليف الحكومة لمنع التمديد؟

سمير منصور
A+ A-

قلّة من السياسيين ورؤساء الكتل النيابية جزمت بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، وحتى من قالوا إنها ستتم ضمن المهلة الدستورية، بدوا أقرب الى التمني منهم الى الجزم، وبقي التشكيك سيد الموقف وليس من يجرؤ على التأكيد في شكل قاطع أن هذا الاستحقاق الدستوري سينجز، وذلك على خلفية المؤثرات الاقليمية والدولية المحتملة وأبرزها الحرب الدائرة في سوريا. وثمة من يذهب بعيداً في ربط الاستحقاق بما ستؤول اليه تلك الحرب تارة، وبحوار أميركي – إيراني أو إيراني – سعودي تارة أخرى، مستبعداً إجراء الانتخابات ضمن المهلة الدستورية ومتوقعاً تأجيلها بدون تمديد أو تجديد لرئيس الجمهورية على أن تتولى حكومة الرئيس تمام سلام من خلال مجلس الوزراء مجتمعاً إدارة شؤون البلاد وفق النص الدستوري.


إذاً لا تخوّف من فراغ كان محتملاً لو بقيت البلاد بدون حكومة، وفي ظل استمرار الحكومة السابقة برئاسة نجيب ميقاتي، في تصريف الأعمال. فهل كان تسريع تشكيل الحكومة من خلال التخلي السحري والمفاجئ عن العقبات والعراقيل والشروط التي كانت تعترضها، بهدف قطع الطريق على تمديد لولاية الرئيس ميشال سليمان الذي وإن يكن قد أكد تكراراً أنه لا يسعى الى تمديد أو تجديد، فإنه بين خطر دخول البلاد في فراغ دستوري والقبول بالتمديد لفترة محددة تجنباً للفراغ، الأرجح أنه لم يكن ليرفض... ويبدو واضحاً أن مواقفه السياسية المتتالية في الأشهر الماضية لم تكن مواقف رئيس يسعى الى تمديد ولايته، ولو كان هذا هدفه، لتجنب التصريحات التي تزعج بعض الكتل النيابية ولكانت مواقفه التي أغضبت "حزب الله" مختلفة، ولكان وفّر الحملة عليه من الحزب ومعظم أطراف تحالف قوى 8 آذار.
وتقول أوساط رئيس الجمهورية "إن مواقفه ولا سيما في الأسابيع والأشهر الماضية، لا علاقة لها بتمديد أو تجديد لا من قريب ولا من بعيد" وترد على القائلين إن مواقفه هي نتيجة لغياب هذين الاحتمالين وأنه لم يكن ليطلقها لو كان عنده الحد الأدنى من الأمل بأحدهما، فتقول "إن هذه المواقف ليست جديدة على الإطلاق وليست مرتبطة بقرب انتهاء الولاية الرئاسية" وتذكّر بمواقف أطلقها رئيس الجمهورية قبل أكثر من سنتين في مناسبات عدة ولا تختلف عن مواقفه الأخيرة بشيء، وتضيف "إن ما قاله رئيس الجمهورية في كل الخطب والتصريحات إنما ينبع من اقتناعات وطنية ولمصلحة جميع اللبنانيين ولا يختلف عليها اثنان في لبنان، ولا سيما إذا كان الهدف تعزيز بناء الدولة والمؤسسات على اختلافها، وهي مواقفه نفسها منذ بداية عهده، ومن يهمه الأمر فليعد الى الأرشيف".
وتتحدث عن "كثافة زوار وحملة تأييد لمواقف رئيس الجمهورية وكأنه في مطلع عهده، لا في الأسابيع الأخيرة من ولايته الرئاسية، وهذا إن دل على شيء فعلى صوابية مواقفه وهي تعني جميع اللبنانيين، أي أنها وطنية لا فئوية".
وفي ظل تصاعد احتدام معركة الرئاسة يوماً بعد يوم وكلما اقترب موعد الاستحقاق، يرى مرجع سياسي مستقل أن "الأفضل في الظروف الحالية الاقليمية والدولية، التوافق بين طرفي الاصطفاف السياسي، على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها خطوة أولى وعدم ربطها بأية ضغوط خارجية، ولا بأس في التوافق على شخص الرئيس إذا كان ذلك متيسراً، وإلا فلتكن الترشيحات وليقم مجلس النواب بواجبه الانتخابي".
أليس في هذا الكلام تبسيطاً للواقع وتجاهلاً للمؤثرات الاقليمية والدولية.
- يجيب المرجع المذكور: "لئن يكن من المكابرة تجاهل تلك المؤثرات، فإنها بالتأكيد تصبح محدودة المفاعيل عندما يكون هذا التوافق ممكناً، أقله على إجراء الانتخابات في موعدها، وعلينا أن نتذكر أن تلك المؤثرات والضغوط إنما تعبّر عنها تكتلات واصطفافات محلية ذات صلة بمصادرها. الحل إذاً في الداخل اولاً".
بعد انسحاب القوات السورية من لبنان في نيسان من العام 2005 كانت لمرجع حكومي سابق عبارة مشهورة جاء فيها: "مع انتهاء زمن الوصاية السورية، بات على اللبنانيين أن يتعلموا إدارة شؤون بلدهم بأنفسهم، وعلى السوريين أن يتعوّدوا على أن لبنان دولة مستقلة ذات سيادة وغير خاضعة لوصايتهم". ومن خلال تلك العبارة، يبقى السؤال إياه: هل تعلّم اللبنانيون؟ هل تعوّد السوريون؟
لا يوحي الواقع السياسي الراهن في لبنان أن هؤلاء تعلموا أو أن أولئك تعوّدوا... تشهد على هذا الواقع بعض المواقف السورية واستطراداً اللبنانية، ولا سيما ذات الصلة بالاستحقاق الرئاسي. ولكن ذلك لا يلغي حقيقة أن الطبقة السياسية اللبنانية أمام فرصة هي الأولى من نوعها منذ نحو أربعة عقود لانتخاب رئيس لجمهوريتهم بعيداً عن الوصايات والضغوط الخارجية عربية كانت أم إقليمية أم دولية، فهل من ينتهز هذه الفرصة؟
تقول مصادر وزارية أن الحكومة تتصرف على أساس التحضير للاستحقاق الرئاسي في موعده، وأن الرئيس تمام سلام من دعاة إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري وهو يعمل ضمن امكاناته في هذا الاتجاه، ولكن الكلمة الفصل في هذا الاستحقاق تعود لمجلس النواب وللتكتلات النيابية ومدى استعدادها لإنجازه من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم