توتّر في جنوب أفريقيا إثر تظاهرتين لدعم إسرائيل والفلسطينيّين

ماذا تعلّمنا من الحرب؟
Smaller Bigger

شكّلت الحرب اللبنانية التي استمرّت 15 عاماً مادّة دسمة للكتب والمقالات، وألهمت الشعارات والعناوين الرئيسية، وكانت محط تركيز من وسائل الإعلام العالمية. حتى يومنا هذا، لا تزال صورة اللبنانيين في الخارج مرتبطة في شكل أساسي بحربهم وأطباقهم ونجاحهم في الاغتراب. وقد تحوّلت بيروت مرادفاً للانقسام على الساحة الدولية.
هذا ما يراه العالم، ولكن إذا كنت ممّن عاشوا الحرب، ماذا كانت بالنسبة إليك؟ هل كانت تأرجحاً يومياً بين الحياة والموت؟ أم كانت رائحة الدماء التي لا يمكن التخلّص منها أبداً؟ أم كانت مشهد الجدران التي اخترقها الرصاص في مبانٍ متداعية بلا نوافذ، أم رائحة العفن والموت في الملاجئ حيث كان الناس يتجمّعون ويحاولون أن يعيشوا أسوأ كوابيسهم بالتي هي أحسن؟ ربما كانت الحرب في نظرك رحلات هروب إلى المجهول من غير أن تحمل معك أي شيء ما عدا جسدك المتعب المحروم النوم.
أين اختبأت من القصف العشوائي أو رصاص القنّاصة أو ترهيب الميليشيات؟ هل اختبأت في مطبخ منزلك أم في غرفة الطعام أم في تلك المساحة الواقعة خلف المنزل التي كانت تمنحك شعوراً خاطئاً بالأمان لأنها مظلمة؟ من كنت تعانق لدى شعورك بالخوف؟ هل راقبت نبض قلبك لدى سماعك الأصوات المختلفة: الخبر العاجل عبر الإذاعات، أو صوت القذيفة لدى انطلاقها من المدفع، ثم أزيزها فوق الرؤوس وصولاً إلى لحظة سقوطها؟ هل تذكر القذائف التي دمّرت مباني مجاورة بكاملها؟ وما تبعها من صراخ، وتطاير للغبار، وحزن، وعجز عن التحرّك فيما كان ينهال عليك مزيدٌ من القذائف وتتصاعد أصوات الموت والكراهية والدمار التي تصمّ الآذان؟ هل ابتهج قلبك يوماً للتفكير في أنك قد تكون الضحية التالية فتتذوّق أنت أيضاً طعم النهاية والتخلّص من كل هذا العذاب؟ هل راودك شعور بالذنب أم بأنك محظوظ لأن آخرين لقوا حتفهم فيما لا تزال أنت على قيد الحياة؟
ماذا تتذكّر من الحرب؟ هل تتذكّر أن الحياة كانت تتوقّف باستمرار لكنك أكملت دروسك وامتحاناتك وتابعت العمل والترفيه عن نفسك؟ أم تتذكّر اللحظة التي تعرّضت فيها للخطف وضُرِبت حتى أُغمي عليك، لأن لهجتك لم تعجب الشاب المخبول الذي يقف عند أحد حواجز التفتيش؟ أم تتذكّر عندما قُتِل عشرات الأشخاص لدى حضورهم مأتماً فقط بدافع الحقد الأعمى ووسط معمعة الحرب المسيطرة؟
في ختام الأعوام الخمسة عشر الدموية، لم ينتصر أحد وقد انهار لبنان كلياً. ففي حين كان الجميع يتخبّطون من أجل البقاء، لم يتوقّف أحد ليفكّر ملياً في ما حدث، وظلت الحرب تختبئ في حنايا الذهنيات القديمة البالية.
اليوم، نشهد الكراهية والانقسامات نفسها، وكذلك يتكرّر الجهل نفسه. أياً تكن الدروس التي يُخيَّل إلينا أننا تعلّمناها من الحرب، يبدو أننا لم نتعلّم شيئاً على الإطلاق!


Twitter: @octavianasr

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/11/2025 6:15:00 AM
قذائف المزّة والعمليتان اللتان لم يفصل بينهما شهر تحمل رسائل تحذيرية إلى الشرع وحكومته، والرسالة الأبرز مفادها أن القصر الرئاسي تحت مرمى الصواريخ.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:25:00 AM
إنّها المرة الأولى التي تتهم المنظمة "حماس" وفصائل أخرى بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:10:00 PM
شدد على ضرورة منح المحافظة حكماً ذاتياً داخلياً أو نوعاً من الإدارة الذاتية ضمن سوريا كوسيلة لحماية الأقليات وحقوقها.
اقتصاد وأعمال 12/11/2025 10:44:00 AM
تكمن أهمية هذا المشروع في أنه يحاول الموازنة بين 3 عوامل متناقضة: حاجات المودعين لاستعادة ودائعهم بالدولار الحقيقي، قدرة الدولة والمصارف على التمويل، وضبط الفجوة المالية الهائلة التي تستنزف الاقتصاد