الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

متاعب الأمن بين العبث والدجل

عبد الوهاب بدرخان
A+ A-

أن تكون الحكومة لشهرين اثنين فحسب، ولتأمين الاستحقاق الرئاسي، فهذا لا يمنعها من أن تلم شتات السياسة الأمنية، وأن تصحح المقاربة لأي أوضاع شاذة نشأت في العامين الأخيرين، سواء في طرابلس أو في صيدا او في مناطق اخرى. ذاك أن "الخطة" باتت معروفة، وقد تكون جرّبت في لبنان ثم طُبّقَت في سوريا من خلال تسريب تنظيم "داعش" الى مناطق المعارضة لكي يمكن القول إن ثمة تكفيريين أو ارهابيين هم سبب المشكلة.
في لبنان كانت مشكلة "حزب الله" أن خصومه السنّة معتدلون وغير مسلّحين، وأنهم وحلفاءهم من طوائف مختلفة يواجهونه بالسياسة، أما هو فيمارس السياسة بالسلاح ولا يعرف كيف يحسم المواجهات السياسية إلا بالسلاح. لذلك رأى أن يخترق مناطق الخصوم بالسلاح أيضاً، وإذكاء التطرف بالاستفزاز، وبعد ذلك راح يحمّل المعتدلين أوزار المتطرفين الذين صنعهم ورعاهم، مشيراً الى أن هؤلاء ينتمون الى "الفريق الآخر" بحكم انتمائهم المذهبي.
مَن هو شاكر البرجاوي، مَن يكون، بطل قومي، زعيم وطني، رجل مكلّف "مهمة جهادية"؟ وطالما أنه مجرد "شبّيح"، وله تاريخ ملوّث بولاءات متنقلة، ولا علاقة له بـ "أشرف الناس"، فهل أن "حزب الله" يتبنّاه لشيء آخر غير أنه "سنّي" برمجه السوريون وبالتالي يصلح للاستعمال كوسيلة لاختراق الخصوم وانشاء دكانة "ممانعة" في مناطقهم؟ ماذا يريد البرجاوي والذين هم على شاكلته؟ ليس مهماً ما يريده إلا بمقدار ما يمكن الاشارة الى أن ثمة وزراء يجلسون الى طاولة مجلس الوزراء، ويُفترض أنهم يمثّلونه. فليقل وزراء "حزب الله" ما اذا كان الرجل خاض معركته في منطقة المدينة الرياضية بضوء أخضر من "الحزب" أو من دمشق، وليوضحوا ما اذا كان سلاح البرجاوي هو أيضاً لحماية "المقاومة"، وليشرحوا بالتالي للبنانيين كيف يمنحون الثقة للحكومة وبعد يومين يفلتون زلمتهم ليقوم بهذه العربدة الأمنية في بيروت.
اذا تعذّر رسم حدود للعبثية فلا بدّ من وضع حدود للدجل. يعرفون أنهم يعبثون بالأمن ولا يبالون، فالمهم عندهم أن "يشيطنوا" الآخر ليمرروا تشيطنهم. هذه الحكومة لا تريحهم لأنها تريد وتستطيع أن تحقق شيئاً بالنسبة الى الأمن، باستخدام رصين ومسؤول للجيش، تحديداً في طرابلس حيث أريد ويراد للجبهة أن تهدأ أو تشتعل وفقاً لأجندة "حزب الله" أو النظام السوري. مع الحكومة السابقة كان "الحزب" دعم سياسة النأي بالنفس ثم أرسل مقاتليه الى سوريا، ثم أيّد "اعلان بعبدا" ودفع بالمزيد من الرجال الى المعارك، ورغم تغيّر الحكومة يساهم أزلامه في التوتير كما لو أنه لم تعد له مصلحة في استتباب الأمن، وها هو أخيراً غير راغب في المشاركة في "الحوار الوطني" كما لو أنه لم يعد معنياً أصلاً بالبلد.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم