الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الحكومة اختبار للاستحقاق الرئاسي

علي حماده
A+ A-

المعركة الدائرة في أروقة لجنة صوغ البيان الوزاري حول بند ما يسمى "المقاومة"، تعكس حقيقة التشنج الكبير الذي يولده الحديث عنها، ولا سيما انه يمثل محاولة جديدة لتأمين تغطية وطنية لحالة شاذة خارجة على الشرعية وعلى الدولة ككل. اكثر من ذلك، ان القوى الاستقلالية تتعرض لضغوط كبيرة وغير منقطعة من جانب عواصم الغرب الكبرى من أجل امرار البيان الوزاري بأي طريقة، ولو اقتضى الأمر التسليم لـ"حزب الله" بنص يرضيه ويشعره بأنه يمتلك تغطية معنوية في الداخل، وخصوصاً ان الحزب المذكور يفرض سلاحه كأمر واقع يعجز الاستقلاليون عن مقاومته عملياً. ويعزو مسؤولون كبار في عواصم القرار الغربية المعنية مباشرة بلبنان تمسكهم بهذا الموقف، الى حرصهم على اكتمال ولادة الحكومة، لا ان تتحول الى حكومة تصريف اعمال تنفتح معها الابواب على احتمالات دراماتيكية سلبية يمكن أن تطيح الاستحقاق الرئاسي. ومن المفارقات ان موقف الغربيين يستند الى معطى ان الاهم هو المحافظة على الحد الادنى من مقومات الدولة، والأهم أن الجيش اللبناني يفترض ان يبقى جاهزاً للمرحلة المقبلة التي ستلي انتهاء الازمة في سوريا، وطرح موضوع سلاح "حزب الله" في البازار الكبير بين الايرانيين من جهة والاميركيين والسعودية من جهة أخرى. و بحسب النظرية عينها ان سلاح "حزب الله" لا يمكن ان يستمر الى أمد طويل، لأنه بعد سوريا بات معزولاً عربياً، ولا يملك عمقا خارج لبنان. والطائفة الشيعية في لبنان غير قادرة على حماية هذا السلاح، مهما فعلت وقدمت من تضحيات. فالأفق أمام هذا السلاح مسدود. ومن هنا، وبحسب النظرية، أهمية انقاذ ما يمكن انقاذه من مؤسسات الدولة، والاسلاك الامنية والعسكرية، ريثما تُحل اشكالية سلاح "حزب الله" نهائياً.
نعم، ان الضغوط كبيرة على الفريق الاستقلالي من أجل منع فرط الحكومة الحالية. لكن في المقابل، ثمة مسلمات، من الصعب، بل من المستحيل التنازل عنها، وأولاها انهاء مرحلة تميزت بمنح سلاح "حزب الله" اي شرعية صادرة من الدولة. والبيان الوزاري يمنح شرعية او يحجبها، وان يكن الواقع مختلفاً في ظل استقواء "حزب الله" بتفوقه العسكري على بقية المكونات اللبنانية.
والسؤال ما الذي يدور في كواليس لعبة الامم في المنطقة؟ لماذا يبدو الايرانيون أقل تشنجا في لبنان، بدليل خفض "حزب الله" منسوب توتره السياسي داخلياً؟ و لماذا يعمل الاميركيون ومعهم الاوروبيون على جمع قوى لبنانية كانت شديدة التناقض في ما مضى على ابواب الانتخابات الرئاسية؟
وفي موضوع الاستحقاق الرئاسي، يتفق الجميع على أن ثمة ثلاثة ناخبين كبار في الانتخابات الرئاسية هم الولايات المتحدة والسعودية وايران. وخلاف هؤلاء الناخبين او اتفاقهم يحدد مسار الاستحقاق، إتماماً ام تفشيلاً.
من هنا اعتبار الحكومة الحالية، ولادة واستمرارية، بمثابة الاختبار الكبير السابق للاستحقاق الرئاسي.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم