الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هل تعلن روسيا الحرب؟

A+ A-

لم يهنأ الرئيس فلاديمير بوتين بإنجازه في سوتشي يوم كان يفترض ان يشرب نخب كسبه رهان تنظيم ألعاب شتوية ناجحة في مدينة على البحر ولا تبعد كثيرا عن المناطق الانفصالية الساخنة، وجد نفسه يتجرع كأسا مرّة، في مواجهة سيناريو طالما مقته وخشيه: اطاحة نظام موال للكرملين في بلد يعد حيويا لمصالح روسيا وللتطلعات التوسعية لرئيسها. نكسة كبيرة وربما التحدي الاكبر الذي يواجهه في سنوات حكمه، الا انها لن تثنيه بالضرورة عن المضي في مشاريعه التوسعية وصولا ربما الى ارسال قوات الى أوكرانيا.


ليست خسائر بوتين في أوكرانيا بالقليلة حتى الآن. مع النظام الجديد، صار حلمه باتحاد آسيوي يضم دول الاتحاد السوفياتي السابق ويسعى الى منافسة الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة والصين، بعيد المنال. فكما شكل تمرد كييف على الاتحاد السوفياتي عام 1991 الضربة القاضية لذلك التكتل، فلن تكون لهذا الاتحاد القوة الاقتصادية التي يريدها بوتين إذا بقيت أوكرانيا التي تعد 46 مليون نسمة وتملك قدرات كبيرة زراعية وصناعية، خارجه.
جمّدت ثورة شباط الخطط الاوكرانية لبوتين، الا أن أحدا لا يتوهم بأنها قوضتها. في يد الرئيس الروسي أوراق كثيرة يمكنه الضغط بها على أوكرانيا.غازها في يده ، وربع تجارتها الخارجية موجه الى بلاده. وفي ذمة الحكومة دين مستحق لموسكو قيمته 2,7 ملياري دولار. و قد يقرر الكرملين العودة نهائيا عن برنامج القروض المعلق والبالغة قيمته 15 مليار دولار.
بعيدا من المصالح الاقتصادية، ترتبط روسيا وأوكرانيا بصلات من نوع آخر. منذ انتصار معركة "الميدان" في كييف والهزيمة المدوية التي لحقت بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش، اتجهت الانظار نحو شبه جزيرة القرم التي تحوي غالبية روسية وتضم قاعدة الاسطول الروسي في البحر الاسود. حتى 1954، كانت المنطقة جزءا من روسيا، وعندما أهداها الزعيم السوفياتي الراحل نيكيتا خروتشوف الى أوكرانيا لم يكن خطر في بال أحد حينذاك أن الاتحاد السوفياتي سيتفكك وأن أوكرانيا ستعود دولة مستقلة وقد تصير يوما مناهضة لموسكو. عملياً، تكتسب شبه جزيرة القرم أهمية كبيرة لروسيا. وفي 20 شباط، نسبت "الفايننشال تايمس" الى مسؤول حكومي روسي أن بلاده مستعدة لخوص حرب في شأن هذه المنطقة، إذا بدأت أوكرانيا تتفكك. وبكلام واضح قال: "سندخلها ونحميها، تماما كما فعلنا في جورجيا".
إذا اتخذت أوكرانيا خطوات عملية للانعطاف غرباً، فقد تنفذ روسيا تهديدها وترغم كييف على ترك القرم وراءها. بيد أن تدخلا عسكريا روسيا في المنطقة سيكون في نظر خبراء معادلا للاجتياح العراقي للكويت الذي أدى الى حرب الخليج. فهل تندفع موسكو الى هذه المواجهة المباشرة مع الغرب، أم تبقي اللعبة ضمن اطار الحرب الباردة الدائرة بين الجانبين على أكثر من جبهة؟.


[email protected] / Twitter:@monalisaf

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم