السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

دجاج

حياة ابو فاضل
A+ A-

من تاريخنا الحديث نسبياً، مذ نفض الغرب عن أكتافنا عباءة عثمانية افترشت حياة أجدادنا أربعة قرون استبداد وظلم "شرعي"، ومذ فصّل نسيج بلاد الشام الجديد المصمّمان المشهوران المرحومان سايكس البريطاني الثعلب وبيكو الفرنسي الواوي، وضمن مخططهما مشروع مزرعة دجاج مفككة، متنافرة، يسهل اجتياحها والسطو على دجاجها المسالم الذي يُعتبر من فصيلة العلماء مقارنة بدجاج اليوم المستفرس دينياً، يفترس الديوك والصيصان ويخرب الحظيرة عشوائياً، تجذبه دروب انتحارية مفتوحة على سماء تهلل لأبطال الأرض. منذ ذلك التاريخ ما عرفنا الا تفككاً تنافسياً على ألقاب ومناصب تخبئ الثروات لأصحاب المناصب وحدهم، فلا دخل لها بشعب يكتفي بالفتات في "لا دولة"؟ منذ استقلال الأربعينات الذي جاء هدية ثعالب الغرب وكل حكايا نضال رجالنا في سبيله تظل حكايا شهرزادية حتى يطلع الصباح.


وحقاً لا يهمنا من يحكم بعد اليوم مداورة أو محاصصة أو مساكنة، فالحكم يحتاج الى حكمة أين منها أنتم جميعاً يا أهل السياسة وليس بينكم حكيم واحد؟ لذا الشعب لا يهمه وفاقكم أو خصامكم، ولا تهمه مبادئكم ومعتقداتكم السياسية أو الدينية، ولا الى من تنتمون شرقاً وغرباً، ولا أي اله تعبدون بعدما رجعنا الى زمان تعدد الآلهة. وما عادت تهمنا بطولاتكم و"تضحياتكم" المحفوفة بمن يتربص بكم ليحيلكم شهداء أبديين يمدّكم البعض عند الحاجة بكل تعاطف وسعي الى انزال العقاب بمن قطع أو سيقطع عليكم، لا سمح الله، دروب النضال في سبيل "أناكم" العظيمة المقدسة.
أقمتم حكومة أو لم تقيموا لا فارق عندنا. ألستم أنتم بالذات أعضاء حكومة اليوم وما قبل اليوم وما قبل قبله؟ نعرفكم جميعاً وزراء ونواباً وما بين بين، صفر الأيادي، فلا "طائفكم" أثمر ولا "دوحتكم"، ذلك ان بناء الأوطان يظل خارج طاقاتكم المحدودة، الأنانية. ومن يوفر لكم الارشاد السياسي سواء عربياً أو أعجمياً يشاطركم قصر النظر، واللامبالاة، والعجز القابع داخل قمقم مارد حامل فانوس الأحلام السحرية.
تعيشون على وقع السحر كما كل العرب وبلداننا غنية بثروات نفط تخوّلنا بناء أوطان نموذجية، متحررة من جهل جعلنا فريسة غرب يرمي الينا جزرة الديموقراطية وهو ينهبنا، فترهبه جزرة جهاد ديني دموي سعى وبعض دول الخليج الى ايجاده وتمويله بهدف الخراب، وقد بات اليوم عاصياً لأسياده.
هكذا نتبادل اليوم حضارات غرب وشرق، بهيّة، تشعّ وعياً ورأفة، وينتظرنا جميعاً عند كل "كوع" انتحاري أو انتحارية متساويان أخيراً في ميادين الارهاب، هدفهما سحر ما هو أرضيّ وغموض ما هو مقدس. لسنا بحاجة الى من يحكم بعد، وما عاد اليهود يشكّلون خطراً على وجودنا بعدما ابتلعوا معظم فلسطين بينما بعضنا يقضي على بعضنا باسم الدين. قدرنا أن نعيش عصر جاهلية بلا نهاية على مر أزمنة حاضرة وآتية... هذا ان أتت.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم