السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

إلى العماد عون: لماذا المنفى؟

غسان حجار
غسان حجار @ghassanhajjar
A+ A-

لا تربطني بك اليوم صداقة، أو علاقة قربى، أو انتماء. لكني أرى فيك زعيماً مسيحياً، كما كنت أرى في بكركي البطريركية السياسية الزمنية لنا كمسيحيين رغم عدم كوننا موارنة. وأعرف أنك، على مثال معظم الزعماء، لا تبالي بآراء الناس، ولا تعتبرهم الا بكونهم أصواتاً انتخابية، ما يعني حتماُ انك لا تصغي اليهم.
لكن الحقيقة التي يجب أن تقال انك تعمل لانهاء حياتك السياسية، كما ختمت مرحلة بعبدا، منفياً. فالحال اللاطائفية التي رفعت شعارها، واخترقت بها الطوائف، صارت مذهبية ضيقة، وربما لها ظروفها.
أما محاربة الاقطاع والعائلية السياسية فحدث ولا حرج، فقد صارت حملة من الماضي السحيق، ودفنتها بيدك، عندما حملت ابن شقيقتك الى النيابة، وصهرك الى الوزارة، وصهرك الآخر الى إدارة التلفزيون، وحلمت بصهرك الثالث قائداً للجيش. والكارثة عندما عطلت تأليف الحكومة، (وها أنت تكرر التعطيل اليوم) لا لمبدأ وانما لحفظ مقعد صهرك الوزير جبران باسيل.
والاحتكار الذي هاجمته، اقتحم دارك وحزبك، وصارت الوزارة، الطاقة أم الاتصالات أم غيرها ربما، حكراً على التيار البرتقالي، ومن دونها تضيع حقوق المسيحيين.
ومحاربة السلاح غير الشرعي مطلب ضيعته ورقة التفاهم مع "حزب الله". ولم يقتصر تفاهمك على الحزب، بل صرت الواجهة لكل قوى 8 آذار التي حاربتك دهراً وحاربتها بتهمة العمالة.
اليوم يأسف مثقفون مسيحيون لحالك ولحالهم بك. اذ على رغم ابتعادهم عنك، واختلافهم معك، الا انهم لا يتمنون لك فداحة الخسارة، والموت السريري لك ولتيارك. فهؤلاء ما زالوا ينظرون اليك على انك الأقوى مسيحياً، لبنانياً وعربياً، وهم مقتنعون بأن الأحزاب المسيحية الأخرى غير قادرة على استيعاب مناصريك ومحازبيك، مما يعني ان الضرر الذي قد يصيبك، سيضاعف التشتت، وسيزداد الضعف ضعفاً، والسوء سوءاً. لكنهم في الوقت عينه، غير قادرين على الاقتراب منك، لأن جوارك جمر حارق.
في رأي مثقفين مسيحيين، وفي نقاش معمق، انك والدكتور سمير جعجع، ركبتما موجة عكس السير في التوقيت الخاطئ. فالالتقاء السني - الشيعي على حكومة حالياً، يمكن أن يكون مدخلاً الى توافق ما، أو الى اعادة احياء طاولة الحوار، ويمكن أن تكون الحكومة مدخلاً الى الانتخابات الرئاسية، فلا يصبح الموقع المسيحي الأول شاغراً. وبدل أن تباركا الاتفاق وتمضيا في الحل وتدعماه، إذا بكما تتحولان قوة تعطيل.
إن الحاجة الى توافق سني - شيعي "بالرعاية" الدرزية إياها والضوء الأخضر لذلك، والمعطى الاقليمي بضغط على الطرفين، لا يدعا مجالاً أمام جهات محلية محدودة القوة، لأن تخرب تلك المحاولات لاظهار حسن النية. وأمام القوة الاقليمية تمثل خبرة قصر الشعب العام 1989. وهي قد تتكرر اليوم بخروج طوعي للتيار والقوات، فيصبحان في المنفى الاختياري.


[email protected] / Twitter:@ghassanhajjar

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم