الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ضمان باسيل للدور المسيحي لم يمرّ لكنّ "حزب الله" ربما غيّر رأيه في الحكومة الجامعة

ايلي الحاج
A+ A-

لم يكن مجدياً على ما بدا من ردود فعل شعبية وسياسية في البيئة المسيحية، ومن ضمنها تلك المتأثرة بأجواء "التيار الوطني الحر"، تكبير هذا "التيار" قضية بقاء الوزير جبران باسيل في وزارة الطاقة ورفعها إلى مستوى الضمان لدور المسيحيين في لبنان. لم يتجاوب الناس العاديون مع هذه النظرية. وعدّوها من أنواع المبالغة اللفظية الجائزة في السياسة التقليدية اللبنانية. فلطالما تعمّد أفرقاء ومسؤولون قبل حرب 1975 وبعدها الزجّ بأدوار طوائفهم في التجاذبات عند توزيع مكاسب ومغانم.


إلا أنّ هذه المسألة لما كانت استأثرت بالإهتمام الإعلامي والشعبي لو لم تكن تخفي ما هو أكبر في السياسة. في المجالس والدوائر المتابعة من كثب لعملية ولادة الحكومة السلامية خيّم سؤال ملح يبحث عن أجوبة: هل غيّر "حزب الله" رأيه وتراجع عملياً ومن دون إعلان عن مشروع الحكومة السياسية الجامعة مع خصومه في قوى 14 آذار؟ يستعيد طارحو السؤال محطات "مشهودة" منذ إرساء وثيقة التفاهم أو التحالف بين الحزب و"التيار العوني"، محطات استخدم فيها الحزب "المونة" على حليفه، لا سيما في الدوحة وتطبيق مفاعيل الإتفاق الذي حمل اسمها، وعند تأليف كل من الحكومات السابقة، وكذلك عند اندلاع خلافات في التوجهات والمصالح بين الجنرال ميشال عون وحليف الحزب الآخر الرئيس نبيه بري.
لا يستبعد أصحاب هذا الرأي أن يكون لإبعاد إيران عن مفاوضات جنيف 2 لحل الأزمة السورية علاقة بسلوك الحزب المفترض. يلفت بعضهم إلى أن المنطقة العربية تشهد اشتباكاً كبيراً وحامياً يحمل طابعاً مذهبياً شكلاً، إيرانياً عربياً في العمق. السؤال المبرّر هنا لماذا تتأجج النار في سوريا والعراق وتتحرك تحت الرماد في دول خليجية عدة واليمن، في حين يُستثنى لبنان وتغلب فيه سياسة "تبريد الأرض" بتعبير الإطفائيين؟
ثم، إذا كان "حزب الله" يريد من الحكومة الجامعة صورة تجمعه مع الممثلين الأبرز للسُنّة في لبنان، ولا سيما الرئيس سعد الحريري من أجل إمرار مرحلة إعلان القرار الإتهامي في المحكمة الدولية، فقد نال مفعول الصورة من دونها. يستطيع الحزب الرد على من يسأله حول اتهام مسؤولين وعناصر من عديده بارتكاب جريمة الاغتيال أن نجل الرئيس الشهيد يشاركهم في الحكومة أو هو على استعداد لمشاركتهم من خلال تياره بين يوم وآخر.
أما إذا كان يريد الحزب من الحكومة كبح موجة التفجيرات الإجرامية التي يرتكبها انتحاريون متشددون من الطائفة السنّية في الضاحية الجنوبية وسواها من المناطق الشيعية، فهو يدرك تماماً أن لا رابط بين عاملي تأليف الحكومة الجامعة مع "المستقبل"، وبين أعمال التفجير الإنتحارية يرتكبها من يعتقدون أنهم بهذا الأسلوب يردون على مشاركة مقاتلي الحزب ووحداته العسكرية في قتل السوريين الثائرين على النظام الحاكم في بلادهم.
مختصرها أن الحزب لو أراد لكان ذلّل العراقيل العونية وإن على حساب حضوره في حكومة يكفيه أن يتمثل فيها بوزير واحد لإبداء الرأي والتبليغ إذا فرض الظرف ذلك، لكن الواقع - ودوماً في حسابات أصحاب الرأي - أنه وجد نفسه غير قادر على السير أبعد في مسيرة حكومة جامعة لن توصله إلا إلى تصريف الأعمال مع شركاء أدخلهم بنفسه في شراكة حكومة لن تفعل سوى تصريف الأعمال معه. شركاء لا يخفون نيتهم في أي حال أن يواجهوه وينتزعوا منه مكاسب ومواقع ومعادلات تحميه وتخدمه مثل معادلة "جيش وشعب ومقاومة"، فأين مصلحة الحزب في المضي بهذا المشروع غير المناسب له إطلاقاً؟ صحيح أن السلاح هو الذي يوفر عناصر القوة، وهذه القوة وحدها تحمي الحزب فيما المنطقة كلها تغلي بظروف شديدة الخطورة، إلا أن بقاء حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على كل علاتها يبقى أضمن للحزب وأكثر إفادة لجميع حلفائه. فلماذا يتنازل الجنرال عون عن حقيبة النفط التي يتولاها الوزير باسيل، ولماذا يضغط عليه "حزب الله" كي يتنازل؟ ثمة هنا ما هو غير مقنع.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم