الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

المعارضة السورية كسبت جولة افتتاح المؤتمر وتحرك كيري رفع سقف التزامات بلاده

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

على رغم ان انطلاق مؤتمر جنيف 2 كان فرصة للنظام السوري عبر الوفد الذي يمثله من اجل ان يجدد مواقفه المبنية في الواقع على رفض ما جاء الى جنيف من اجله اي الموافقة على سلطة انتقالية من مؤيديه ومن المعارضة امام حضور ديبلوماسي واعلامي كثيف بات النظام يفتقده، فان التقويم الديبلوماسي لانطلاق اعمال المؤتمر صب في مصلحة تسجيل وفد المعارضة السورية نقاطا اكبر لمصلحته خصوصا اذا ما قيست بنسبة التردد والانقسامات حول المشاركة في مؤتمر جنيف 2. ولم يفت التقويم الديبلوماسي الاشارة الى جملة امور قد يكون ابرزها في الدرجة الاولى الاندفاع الاميركي الذي عبرت عنه مواقف قوية لوزير الخارجية الاميركي جون كيري ان في افتتاح المؤتمر او في مواقف لاحقة. فالوزير الاميركي استقطب الاضواء في وضع النقاط على الحروف ازاء النظام من خلال توجيه جملة رسائل داعمة لوفد المعارضة من جهة وتساهم في اضعاف صدقية النظام. فهو من جهة اعلن عن نية بلاده زيادة الدعم للمعارضة بهدف ايجاد وسائل دعم اضافية على النظام للوصول الى حل للازمة كما اعلن من جهة ثانية عن الارادة في حماية اقليات سوريا بعد سقوط الاسد مشددا على ان العالم سيحرص على حماية المؤسسات السورية من الانهيار، الامر الذي قد يوجه رسالة مهمة الى من يستمر في دعم الاسد بان ليس عليهم الخوف ازاء استمرار التمسك بالاسد او ببقائه فيما المؤتمر ينعقد للبحث عن سلطة بديلة. وهذا الموقف اذا كان جديا ولم يحظ باي رد فعل من الدول الراعية للنظام والداعمة له فانما يعني عمليا بان المجتمع الدولي هو من سيحمي الاقليات ولا دور لها عمليا في تأمين حمايتها لنفسها على عكس ما يدور الجدل وراء الكواليس عن بديل علوي من الاسد لضمان العلويين وطمأنة الروس والايرانيين. وهي نقطة يمكن ان توظفها المعارضة من اجل التأكيد للسوريين بان رحيل الاسد لن يتركهم لمصلحة المتطرفين الذين تحاربهم المعارضة وفي ظل ضمانات دولية ينبغي العمل على تثميرها.


وفي رد مباشر على الرسائل التي حملها وفد النظام السوري وعدم اهتمام الولايات المتحدة باغراء الوفد للمشاركة في محاربة الارهاب اتهم كيري الاسد بانه من يضلل العالم وهو من اتى بالارهاب وان الاسد هو عقبة امام السلام في سوريا وهو من ارتكب جرائم حرب. ولعل اهمية هذه المواقف انها عبرت عن التزام اميركي واضح في عدم السماح لمؤتمر جنيف 2 بان يحيد عن اهدافه كما يشاء النظام السوري من خلال تكرار كيري ان الهدف هو حكم انتقالي في سوريا كما انها لم تلق اي رد فعل جدي مناقض من حلفاء النظام كروسيا مثلا التي لم يصدر اي رد فعل من جانب وزير خارجيتها سيرغي لافروف على قول نظيره الاميركي ان لا مكان للاسد في مستقبل سوريا ولم يقل احد من داعمي النظام اكانت الصين او روسيا بالرد ببقاء الاسد واقتصر ذلك على الوفد الممثل للنظام مما اظهر عزلته الى حد بعيد فيما عبر عن ذلك بلغة غير عملية ومملة كان عليه ان يطورها في مقابل خطاب اكثر تماسكا لوفد المعارضة السورية.
وتقول مصادر ان الجولة الاولى التي عبر عنها انطلاق مؤتمر جنيف 2 قد تكون ربحتها المعارضة السورية ان من خلال الدعم القوي الذي تلقته علنا من مختلف الدول المشاركة او من خلال اقصاء ايران عن المشاركة في المؤتمر فضلا عن اضطرار وفد النظام الى الجلوس للتفاوض ولو قسرا او على لاشيء كما يفهم من موقفه مع وفد اتهمه في جلسة الافتتاح بالارهاب فيما هو بات يشكل ندا له على طاولة التفاوض الى حد تهديد وزير الخارجية وليد المعلم بالانسحاب في حال لم تكن جلسات التفاوض جدية على نحو يناقض موقفه الاساسي لا بل يظهر حراجة موقفه في حال انسحب مبكرا ولم يجلس للتفاوض مع المعارضة اقله شكلا باعتبار ان ذلك يحرج حلفاءه الروس الذين فاخروا في وقت من الاوقات باقناع النظام بالمشاركة في مؤتمر جنيف 2 في مقابل عجز الاميركيين عن اقناع المعارضة والتي لم تنجح فيها حتى اللحظة الاخيرة في حين ان بقاء الوفد للتفاوض يشكل احراجا بالنسبة اليه ولو لم يبد استعدادا للتفاوض على اي امر جدي.
ولا يقلل التقويم الديبلوماسي لجلسة انطلاق مؤتمر جنيف 2 اهمية عوامل شكلية انما مهمة تمثل احدها في صدور التقرير الذي يحمل النظام مسؤولية تعذيب المعتقلين والاسرى في السجون السورية واثباتات دامغة على وفاة اكثر من 11 الف معتقل تحت التعذيب فيما تمثل عامل آخر في دفاع المعلم في معرض انتقاده او اتهامه دولا عربية وغربية بانها وراء الحرب على سوريا عن " بضع عشرات من شباب مقاوم كانوا مع الجيش وسموه تدخلا خارجيا " في اشارة الى الدعم الذي يتلقاه النظام فيما كانت تنقل شاشات التلفزة، اللبنانية على الاقل، وقائع جلسات المحاكمة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري في لاهاي لخمسة من عناصر " حزب الله" المتهمين بتنفيذ عملية الاغتيال والتي سارع ممثل المعارضة الى التقاط المناسبة للاشارة الى المحاكمة الجارية في لاهاي في جريمة اغتيال الحريري.
الا ان كل ذلك لا يتصل سوى بالجلسة الافتتاحية التي انطلقت جيدة بالنسبة الى المعارضة والتي يمكن ان تستمر كذلك اذا احسنت توظيفها ولم تقع في خلافاتها مجددا علما ان عدم نجاحها قد يساهم في افشال المحادثات سريعا.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم