سطور كتبت مصير جبران تويني... وأفكار كانت سبب اغتياله

سطور كتبت مصير جبران تويني... وأفكار كانت سبب اغتياله
مبنى جريدة "النهار" في الذكرى الـ18 لاستشهاد جبران تويني (حسام شبارو).
Smaller Bigger
لا يُنظر إلى جبران تويني على أنّه نائب اغتاله النظام السوري، بل يُنظر إليه على أنّه صحافي صاحب أفكار نيّرة تمكّن بجرأته ومن خلال منبره في جريدة "النهار" من مضايقة نظام  الوصاية السورية.

لم يُهادن جبران تويني، وسلك طريق المواجهة بهدف تحرير البلد من الوصاية وتحقيق السيادة والاستقلال، وإصلاح العلاقات بين لبنان وسوريا، واختار جريدة "النهار" ومن ثم البرلمان سبيلين للعمل من أجل رؤيته، رغم علمه المسبق بوعورة المسلك نسبة لإجرام نظام الوصاية وسوابقه. هدَف جبران من خلال مقالاته في جريدة "النهار" إلى استنهاض الرأي العام اللبناني والعربي للضغط على النظام السوري من أجل الانسحاب من لبنان.

وفي هذا المقال، سوف نستعرض بعضاً من أبرز المقالات التي كتبها حبران قبل استشهاده، والتي كان لها وقعها على السياسة والرأي العام، وقد تكون رسمت طريقه نحو المصير الأسود:

نعم... المقابر الجماعية جريمة ضد الإنسانية
كان هذا المقال الأخير الذي كتبه جبران قبل استشهاده، بتاريخ 8 كانون الأول 2005، وقد يكون من الأعلى سقفاً والأكثر حدّة، اتهم النظام السوري باغتيال رفيق الحريري وسمير قصير وجورج حاوي، ومُحاولة اغتيال مروان حمادة ومي شدياق، كما اتهمه برفض تسليم أوراق شبعا التي تُثبت لبنانية المزارع، ولكن ما كان أهم من ذلك هو اتهام سوريا بارتكاب مجازر ضد اللبنانيين في عنجر.

كان النظام السوري بهذا التاريخ قد خرج من لبنان، لكنه بقي من خلال مخابراته وحلفائه، ونفّذ العديد من العمليات الدموية، وكان جبران في هذا الوقت مهدداً بالاغتيال، لكن التهديد لم يُثنه عن كشف جرائم الأسد بحق السيادة اللبنانية والساسة والمواطنين على حدٍ سواء، فكتب هذا المقال الأخير، وكأنّه جردة حساب لسوريا في لبنان.

كتاب مفتوح إلى بشار الأسد
كتب جبران هذا المقال في 23 آذار من العام 2000، توجّه فيه مباشرة إلى الأسد، أعلمه خلاله أن وجود نظام الوصاية في لبنان أمر غير مرغوب به لدى المواطنين والسياسيين على حدٍ سواء، وأشار إلى أن بعض أهل الساسة في لبنان يهابون سوريا ولا يرغبونها، واتهمه بانتهاك الحرية والسيادة والاستقلال، ولفت إلى أن اللبنانيين لا يعتقدون أن سوريا ستعترف بلبنان كدولة سيادة مستقلّة.

صارح جبران بشكل واضح الأسد، وقال له إن وجود جيشك في لبنان أمر غير مرغوب به،  وفي وقت قلّة هي من تجرّأت على مواجهته ومطالبته بالانسحاب من لبنان أو حتى إعادة تموضع قواته في البقاع تمهيداً للانسحاب التام، فانضم من خلال موقفه إلى المطارنة الموارنة الذين كانوا أول من أطلقوا نداء الانسحاب، ومن ثم وليد جنبلاط الذي طالب بإعادة التموضع.

بين كلام خاتمي وكلام الأسد
وقّع جبران هذا المقال في 15 أيار 2003، وقارن بين خطابين مصيريين، الأول للرئيس الإيراني محمد خاتمي، وهو أكثر الرؤساء الإيرانيين اعتدالاً منذ انقلاب العام 1979، وخطاب الأسد، وفي حين رأى في حديث الأول إيحابية لجهة احترام سيادة لبنان وإقراره بحق شعبه تقرير مصيره بنفسه، هاجم الأسد بشراسة، ورفض ربط مصير لبنان والانسحاب منه باتفاقات سلام مع إسرائيل.

كشف جبران استغلال النظام السوري الورقة اللبنانية في مفاوضاته مع الأميركيين آنذاك، وقد ربط الانسحاب السوري من لبنان بالانسحاب الإسرائيلي وعقد اتفاقية سلام، وكأن سوريا تدفع لبنان إلى السلام مع إسرائيل، ورفض "بدعة" أن سلاح "حزب الله" لا يتم تهريبه عبر سوريا، مُتهكماً "هل يأتي الحزب بسلاحه من إسرائيل؟"

خطاب الأسد إعلان حرب على لبنان، واللبنانيون مستمرون في معركة الاستقلال
سبق هذا المقال الاغتيال بشهر، وكتبه جبران بتاريخ 11 تشرين الثاني من العام 2005، تنبّت فيه بموجة عنف واغتيالات سيُنفّذها النظام السوري بحق قيادات سياسية، كما اغتيال قبل أشهر قليلة الرئيس رفيق الحريري، ولفت خلاله إلى أن النظام السوري من خلال خطاباته يُعلن الحرب على اللبنانيين ويُحلّل دماءهم، ويُحاول الإيقاع في ما بينهم، وبينهم وبين الشعب السوري.

كأن جبران توقّع اغتياله، مع تنبّؤه بجولات عنف ستقع في لبنان سببها النظام السوري الذي سيغتال قادة 14 آذار، وللإشارة، فإن جبران علم قبل فترة أنّه مستهدف، وقبل اغتياله بأيام، كان في فرنسا، وتلقّى التحذيرات والطلبات بألا يعود إلى لبنان، لكنّه كان مُصرّاً على العودة، فلم تفصل سوى ساعات قليلة بين وصوله مطار بيروت، وتفجير سيارته.

كتب جبران هذه السطور قبل أن يمضي، وكل ما كان الوقت يتقدّم، كان سقف جبران يرتفع، وكأنّه يعلم أن وقته قليل، وعليه أن يعطي اللبنانيين الأفكار والرؤى التي تكوّنت لديه لجهة خطر النظام السوري على لبنان. لم يمتلك جبران السلاح الحربي ولا العسكر، لكنّه امتلك الفكر الذي أثّر بالآلاف من اللبنانيين خدمةً لمشروعه القائم على معادلة "حرية، سيادة، استقلال"، الذي أطلقه اللبنانيون نفسهم من ساحة الشهداء.

ولم يتوقّف خوف النظام السوري من جبران على الأفكار، بل تعداها ليخاف منه كونه رجلاً سياسياً جامعاً، هتف قسمه مئات الآلاف من الناس من كل الطوائف والمذاهب والمناطق وفئات المجتمع وطبقاته، وعدد من الانتماءات السياسية، وسنقسم بالله العظيم، مسلمين مسيحيين، أن نبقى موحدين، إلى أبد الآبدين، دفاعاً عن لبنان العظيم، الذي استشهد لأجله جبران وقادة سياسيون كبار.
 
العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال 10/7/2025 5:24:00 AM
سترتفع كلفة تسديد مفاعيل التعميمين من نحو 208 إلى 260 مليون دولار شهريا، بزيادة نحو 52 مليون دولار شهريا
لبنان 10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".
لبنان 10/7/2025 1:21:00 PM
 النائب رازي الحاج: ابتزاز علني لأهل المتن وكسروان وبيروت