
بدا المشهد وكأن مئات الآلاف من السوريين يحزمون أمتعتهم ويستعدون للعودة. لكن بعدما هدأت نشوة الفرحة بسقوط بشار الأسد، ومرت أيام قليلة تجلت خلالها بعض جوانب التحديات التي تواجه سوريا، باتت مسألة عودتهم محل تساؤل.
وبحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإنّ عدد السوريين المسجلين لديها في مصر حتى 30 أيلول (سبتمبر) 2024، يتجاوز 158 ألفاً بقليل، لكن ثمة تقديرات تشير إلى أن عددهم يبلغ نحو 1.5 مليون، غالبيتهم وصلوا عقب أحداث 2011.
حلم العودة
ويقول رئيس الهيئة العامة السورية للاجئين تيسير النجار لـ"النهار": "جميع الإخوة السوريين الموجودين في مصر، يريدون العودة إلى سوريا، ولكن يمكن تقسيمهم لشرائح عدة، ولكل شريحة تصوراتها الخاصة بالعودة".
ويشير إلى أن تلك الشرائح "منهم من يريد أن يرجع إلى وطنه بشكل نهائي، ومنهم من يرغب في التنقل بين مصر وسوريا، وكذلك هناك من يؤجل قرار العودة لأسبابه الخاصة مثل دراسة أولاده، أو يرغب في أن تهدأ الأوضاع ويستقر بلده أولاً".
الشريحة التي ترغب في العودة بأقرب وقت هي التي لا يكفيها دخلها للحياة بدرجة مرضية، ويقول النجار: "هؤلاء تستهلك تكلفة السكن نصف دخلهم تقريباً، والنصف الباقي لا يكون كافياً لحياة جيدة، وبعضهم لديه بيت في سوريا، كما أن الحياة في بلده ووسط أهله، تجعل الأمور أكثر يسراً بالنسبة إليه".
هناك أيضاً أصحاب الشركات، ويقول عنهم رئيس الهيئة: "توجد في مصر قرابة 20 ألف شركة يمتلكها سوريون، وهؤلاء قد يكون ذهابهم إلى سوريا مجرد زيارة، ثم يعودون مجدداً إلى مصر. قد يجهزون أماكن للسكن في بلدهم وربما يستثمرون فيه، لكن وجود استثماراتهم في الخارج سيجعلهم يتنقلون بين سوريا ومصر".
يوجد أيضاً من يصفهم النجار بالطبقة الوسطى، ويقول عنهم: "هؤلاء في الغالب يفضلون الانتظار شهراً أو اثنين حتى تستقر الأمور في سوريا ثم يعودون".
إصرار وترقب
لا تزال أغلب المشروعات التي يمتلكها سوريون في مصر تعمل كما العادة، ومعظمها مطاعم لتقديم الأكلات السورية ومحلات لتصنيع العطور، وبحسب عاملين في عدد من تلك المطاعم تحدثت إليهم "النهار"، ومنهم سوريون ومصريون، فإنه لا نية لإقفالها راهناً.
على الجانب الآخر يصر البعض على العودة إلى وطنه. يقول غسان، وهو شاب سوري، لـ"النهار": "أشتاق كثيراً إلى سوريا، وأفكر في العودة خلال الأسابيع المقبلة. مهما كان الوضع صعباً الآن فهو بلا شك أفضل بعد سقوط الطاغية بشار".
وبدأ بعض السوريين بتوجيه مطالبات للحكومة المصرية لإلغاء الغرامات التي فرضت على المخالفين لقوانين الإقامة.
وتقول كندا، وهي شابة سورية، لـ"النهار": "أرجو أن تعفو الحكومة المصرية السوريين من المخالفات، كي يستطيعوا العودة إلى بلدهم"، إلا أنها تؤكد أنها ووالدتها التي تقيم معها في القاهرة لن تغادرا الآن، وتردف: "أترقب الأوضاع، فلدي مخاوفي من التيارات الدينية المتشددة، لكن إذا تم تكوين حكومة تضم كافة الأطياف، قد أفكر في العودة بجدية".