ضغط عربي يثني إسرائيل عن ضم الضفّة الغربيّة... وتحدّيات داخلية وخارجية
كان من المفترض أن يكون 2025 عام "ضم الضفة الغربية لإسرائيل"، وفق ما قال وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش نهاية عام 2024. لكن الرياح الإقليمية والدولية لم تمش كما شاءت رغبة اليمين الإسرائيلي المتطرف، والظروف السياسية لم تسمح بخطوة تصعيدية كهذه، يعارضها المجتمع العربي ولا يدعمها صراحة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
جديد هذه القضية كان موقفاً إماراتياً حازماً يقضي برفض ضم إسرائيل للضفة الغربية والتحذير من تبعات هذا الإجراء على العلاقة المشتركة بين الطرفين. وفي هذا السياق، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" تصريحات لمسؤول إماراتي قال فيها إن الضم "خط أحمر" وسيؤدي إلى "إلغاء فكرة التكامل الإقليمي". ورافق التصريح سلسلة تحذيرات سرية، وفق ما نقلت الصحيفة الأميركية.
الموقف الإماراتي ليس إعلامياً بل سياسي، وترك تبعاته على الملف. إذ تمت إزالة قضية الضم من جدول الأعمال الرسمي للمشاورات الرفيعة المستوى بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والعديد من كبار الوزراء قبل ساعات من بدئها. وأقر مسؤول إسرائيلي بأن تحذير الإمارات فاجأ الحكومة، واعتبر أنه "أمر غير معتاد".
ضم الضفة الغربية لن يؤثر على العلاقات الإماراتية – الإسرائيلية فحسب، بل سيهدّد مساعي تطبيع العلاقات السعودية – الإسرائيلية. إذ تشترط الرياض إقامة دولة فلسطينية كخطوة أساسية لإنجاز اتفاق مع إسرائيل. وقد يؤذي علاقة نتنياهو بالرئيس ترامب الراغب بتوسيع دائرة الاتفاقات الإبراهيمية. وبالتالي أمام إسرائيل حسابات سياسية دولية دقيقة جداً.
إلى ذلك، يقابل هذا الضغط الديبلوماسي بدفع من قبل متطرفي إسرائيل لإقرار خطط ضم الضفة رغم الموقف العربي والدولي المعارض. ويقود هذا التوجّه سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، اللذان لا يعيران اعتباراً لحسابات إسرائيل مع الدول العربية، وقد عبّرا صراحة عن وجهة النظر هذه.

المحلل السياسي الفلسطيني محمد هوّاش، يتحدث من الضفة الغربية لـ"النهار" عن واقع الضم وفرض السيادة الإسرائيلية، ويقول إن الموقف العربي، الإماراتي والسعودي خاصة، يتكامل مع الموقف الأميركي "غير الموافق كلياً" على ممارسات إسرائيل بالضفة، ما يمنح الموقف العربي قوّة أمام المجتمع الدولي ومؤسساته ومساحة أوسع ودفعاً.
مشكلات إسرائيلية داخلية
الضم يختلف عن السيطرة الأمنية. فإسرائيل تسيطر أمنياً على كامل الضفة الغربية، لكن مساحات الاستيطان لا تشمل كامل المنطقة، كون الاستيطان يحتاج إلى ظروف سياسية وأمنية غير مؤمنة في الضفة التي تشهد توتراً دائماً ونشاطاً لبعض الفصائل الفلسطينية، وحتى المستوطنات تشهد اشتباكات دائمة بين المستوطنين والفلسطينيين.
هوّاش يتطرّق إلى هذه المسألة أيضاً، ويشير إلى أن إسرائيل تعاني مشكلات داخلية لجهة تنفيذ خطط الاستيطان والضم التي تحتاج إلى إمكانات سياسية محلية وخارجية واسعة، بالإضافة إلى قدرات أمنية، ويكشف عن تراجع أعداد المستوطنين في بعض المناطق جرّاء التوترات المستمرة مع الفلسطينيين وتفضيل المستوطنين السفر إلى الخارج بدل العيش في ظروف غير ملائمة.
في المحصلة، فإن إسرائيل تقف أمام تحديات كبيرة إذا أرادت ضم الضفة الغربية، وأمام مفترق طريق لجهة العلاقات مع الخليج العربي، وخاصةً السعودية، كون إقرار خطط الضم وتنفيذها قد يضران بفرص تطبيع العلاقات بين الطرفين، في وقت تحتاج إسرائيل إلى السعودية كشريك اقتصادي ضخم في المنطقة يعدّد خياراتها الاقتصادية.
نبض