المشرق-العربي 26-07-2025 | 13:48

مؤتمر سعياً لإحياء حل الدولتين الأسبوع المقبل... ما تأثير خطوة ماكرون؟

في عام 1947، تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين التي كانت آنذاك تحت الانتداب البريطاني إلى دولتين مستقلّتين، إحداهما يهودية والأخرى عربية. 
مؤتمر سعياً لإحياء حل الدولتين الأسبوع المقبل... ما تأثير خطوة ماكرون؟
يافطة تحمل عبارة "الحريّة لفلسطين" خلال تظاهرة في لندن. (أ ف ب)
Smaller Bigger

تسعى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بدفع من قرار فرنسا الاعتراف بفلسطين، الأسبوع المقبل إلى إحياء حل الدولتين من خلال اجتماعٍ تغيب عنه إسرائيل التي تتعرّض لضغوطٍ لإنهاء الحرب في غزة.

كان من المقرّر عقد المؤتمر الذي دعت إليه الجمعية العامة للأمم المتحدة برئاسة فرنسا والمملكة العربية السعودية، في حزيران/يونيو على أعلى مستوى. وبعد تأجيله بسبب الحرب التي شنّتها إسرائيل على إيران، تُعقد اجتماعات الإثنين في نيويورك على مستوى الوزراء، تمهيداً لقمةٍ متوقّعة في أيلول/سبتمبر.

قبل الاجتماع، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس أنّه سيعترف رسمياً بدولة فلسطين في أيلول/سبتمبر.

وفي حين لا يُتوقّع أن يترك المؤتمر "أثراً يُذكر"، قال المحلّل في مجموعة الأزمات الدولية ريتشارد غوان "إن إعلان ماكرون يُغيّر المعادلة". وأوضح في تصريح لوكالة "فرانس برس" "سيُسارع مشاركون آخرون إلى التفكير في ما إذا كان ينبغي لهم هم أيضاً إعلان نيتهم الاعتراف بفلسطين".

ومن بين القوى الكبرى التي ترغب فرنسا في إقناعها باتخاذ هذه الخطوة المملكة المتحدة. لكن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أكّد الجمعة أن الاعتراف يجب أن يكون "جزءاً من خطّة أكثر شمولاً". في حين قالت ألمانيا إنها لا تنوي فعل ذلك "على المدى القريب".

 

وقال ثلاثة دبلوماسيين إن لندن لم ترغب في مواجهة غضب الولايات المتحدة، واتّخذت كندا موقفاً مماثلاً لتتركا ماكرون وحيداً في هذا المسعى.

وقال دبلوماسي فرنسي وفق "رويترز": "أصبح من الواضح بشكل متزايد أنه لا يمكننا الانتظار لإقناع الشريكين بالانضمام إلينا"، مضيفاً أن فرنسا ستعمل على ضم المزيد من الدول قبل انعقاد مؤتمر حول حل الدولتين.

 

وتفيد قائمة أعدتها وكالة "فرانس برس" بأن 142 دولة على الأقل من أصل 193 دولة أعضاء في الأمم المتحدة، بما فيها فرنسا، تعترف الآن بدولة فلسطين التي أعلنتها القيادة الفلسطينية في المنفى عام 1988.

في عام 1947، تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين التي كانت آنذاك تحت الانتداب البريطاني إلى دولتين مستقلّتين، إحداهما يهودية والأخرى عربية. وفي العام التالي، أُعلن قيام دولة إسرائيل.

 

طفلة فلسطينية تحصل على طعام. (أ ف ب)
طفلة فلسطينية تحصل على طعام. (أ ف ب)

 

"ضرورية أكثر من أي وقت مضى"
على مدى عقود، أيدت الغالبية العظمى من المجتمع الدولي مبدأ حل الدولتين اللتين يعيش فيهما الإسرائيليون والفلسطينيون جنباً إلى جنب في سلام وأمن.

لكن بعد أكثر من 21 شهراً من الحرب في غزة، واستمرار عملية بناء المستوطنات الإسرائيلية وتوسيعها في الضفة الغربية المحتلّة التي تطالب أحزاب إسرائيلية يمينية متطرّفة بضمها، تزداد المخاوف من استحالة قيام دولة فلسطينية.

من هنا جاءت فكرة عقد المؤتمر الذي يتوقّع أن يشارك فيه رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى وعشرات الوزراء من كل أنحاء العالم.

ويأتي الاجتماع في وقتٍ صار حل الدولتين "أضعف من أي وقت مضى" و"أكثر ضرورة من أي وقت مضى"، وفقاً لمصدر دبلوماسي فرنسي.

وإلى جانب بناء الزخم للاعتراف بدولة فلسطين، سيركّز المؤتمر على 3 مجالات أخرى هي إصلاح مؤسسات السلطة الفلسطينية ونزع سلاح حركة "حماس" وإبعادها عن الحكم، وتطبيع الدول العربية التي لم تفعل ذلك علاقاتها مع إسرائيل.

مع ذلك، قال المصدر الدبلوماسي إنه من غير المتوقّع صدور إعلانات عن التطبيع مع إسرائيل الأسبوع المقبل.

"فرصة فريدة"
وصرح السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور قبل أيام أن المؤتمر "يوفّر فرصة فريدة لتحويل القانون الدولي والإجماع الدولي إلى خطة واقعية، ولإظهار العزم على إنهاء الاحتلال ووضع حد نهائي للنزاع"، داعياً إلى التحلّي "بالشجاعة".

ولكن إسرائيل والولايات المتحدة لن تشاركا في الاجتماع. وبرّر المتحدّث باسم بعثة إسرائيل جوناثان هارونوف عدم مشاركتها بأن المؤتمر "لا يلبّي الحاجة الملحّة لإدانة حماس والسماح بعودة جميع الأسرى" المحتجزين في غزة، في تصريح لوكالة "فرانس برس".

ويتزايد الضغط الدولي على إسرائيل لإنهاء الحرب في غزة التي اندلعت إثر هجمات نفّذتها حركة "حماس" في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

ويتوقّع أن تكون الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع الصغير المدمر والمحاصر محور الكلمات التي سيلقيها ممثلو أكثر من 100 دولة في المؤتمر من الإثنين إلى الأربعاء.

ويتوقّع ريتشارد غوان أن يوجّه المتحدّثون "انتقادات لاذعة لإسرائيل" نظراً إلى تزايد الغضب إزاء المأساة التي تتكشّف أمام أعين العالم في غزة.

 

طفل في غزة. (أ ف ب)
طفل في غزة. (أ ف ب)

 

تداعيات إعلان فرنسا

ويقول بعض المحلّلين إن ماكرون يستخدم مسألة الاعتراف لانتزاع تنازلات من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، التي توصف بأنّها منافس معتدل لحركة "حماس"، ومن أطراف إقليمية أخرى.

ورأت رئيسة تحرير مدونة "أوروبا الاستراتيجية" ريم ممتاز التي يديرها مركز كارنيغي أوروبا للأبحاث "يعمل ماكرون هنا كمحفز لحمل الفلسطينيين على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، ولحمل العرب على توفير قوة لتحقيق الاستقرار ونزع سلاح حماس".

ويعتبر آخرون أنّه على الرغم من أن الاعتراف له قيمة رمزية، لن تكون هناك دولة فلسطينية فاعلة حينما تنتهي الحرب في غزة.

وقال المحلّل في مجموعة الأزمات الدولية أمجد عراقي  "اعتراف دولة أوروبية من الوزن الثقيل مثل فرنسا يدل على الإحباط المتزايد من سياسات إسرائيل المتعنتة".

لكنه أضاف "ما فائدة الاعتراف بدولة إذا كانوا لا يفعلون شيئاً يذكر لمنع تحوّلها إلى أنقاض؟"

وأشار المسؤولون الفرنسيون إلى أن الضغط الإسرائيلي المكثّف على مدى أشهر سعياً لمنع خطوة ماكرون وانتقاد نتنياهو الشديد لها يعد دليلاً على أن الأمر يهم القادة الإسرائيليين كثيراً.

وتقول مصادر مطلعة إن التحذيرات الإسرائيلية لفرنسا تراوحت بين تقليص تبادل المعلومات المخابراتية وتعقيد مبادرات باريس الإقليمية، وحتى التلميح إلى إمكانية ضم أجزاء من الضفة الغربية.

لكن المسؤولين الفرنسيين خلصوا إلى أن نتنياهو سيفعل كل ما يعتقد أنه يصب في مصلحته في الضفة الغربية على أي حال، بغض النظر عما ستفعله باريس بالنسبة للاعتراف.

وصوّت الكنيست الإسرائيلي يوم الأربعاء لمصلحة إعلان غير ملزم يحث الحكومة على تطبيق القانون الإسرائيلي بالضفة الغربية، وهو ما يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه ضم فعلي للمنطقة. وزاد ذلك من إلحاح الأمر في باريس.

وقال مسؤول فرنسي كبير "إذا كانت هناك لحظة مناسبة في التاريخ للاعتراف بدولة فلسطينية، حتى لو كان الأمر رمزيا فقط، فسأقول إن تلك اللحظة حانت على الأرجح".
العلامات الدالة

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
النهار تتحقق 10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته. 
لبنان 10/6/2025 9:32:00 AM
طقس الأيام المقبلة في لبنان