إسرائيل تكثف غاراتها على غزة وتوجه "إنذاراً أخيراً"... عوائل مسحت من السجل المدني



شنّت إسرائيل فجر الخميس غارات جديدة على غزة أوقعت 10 قتلى على الأقلّ، وذلك بعيد توجيهها "إنذاراً أخيراً" لسكان القطاع الفلسطيني إذا لم تفرج حركة حماس عن الرهائن، في تصعيد أثار مخاوف من استئناف الحرب.
وهرباً من القصف الإسرائيلي الدامي في شمال القطاع الفلسطيني، استأنفت عائلات رحلة النزوح التي تكررت عدة مرات أثناء الحرب، حاملة معها بعض الأغراض.
وفجر الخميس شنّ سلاح الجو الإسرائيلي غارات على منازل في جنوب القطاع أوقعت عشرة قتلى وعشرات الجرحى، وفق الدفاع المدني في غزة.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل لوكالة فرانس برس "استُشهد 10 مدنيين على الأقلّ وأصيب عشرات آخرون بجروح في غارات جوية إسرائيلية استهدفت ستة منازل شرق خان يونس في جنوب قطاع غزة فجر الخميس".
وقبل التحذيرات الإسرائيلية الأخيرة، أكدت حماس أنها "لم تغلق باب التفاوض ولا حاجة إلى اتفاقات جديدة في ظل وجود اتفاق موقّع من كل الأطراف"، وفق ما قال المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي للحركة الفلسطينية طاهر النونو لوكالة فرانس برس الأربعاء.
وأضاف "لا شروط لدينا، لكننا نطالب بالزام الاحتلال وقف العدوان وحرب الإبادة فوراً، وبدء مفاوضات المرحلة الثانية وهذا جزء من الاتفاق الموقع".
وتابع النونو "أكدنا مراراً أننا جاهزون للتوصل لاتفاق والتزمنا بتنفيذ كافة بنوده لكن الاحتلال هو الذي يماطل ويعطّل ولديه نوايا مبيتة لاستئناف العدوان والحرب".
لكنّ تصريحات حماس جبهت برفض من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي حذّر من أن المفاوضات حول الإفراج عن الرهائن الذين لا يزالون في غزة "لن تجرى من الآن فصاعداً إلا تحت النار".
وفجر الخميس، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن قبل أن يخترق أجواء الدولة العبرية، في حين قال الحوثيون إنّهم استهدفوا مطار بن غوريون الدولي.
وقال المتحدّث باسم الجيش أفيخاي أدرعي في منشور على إكس إنّ "سلاح الجو اعترض قبل قليل الصاروخ الذي أطلق من اليمن فبل اختراقه الأجواء الإسرائيلية".
ورغم الدعوات الدولية لخفض التصعيد، فقد أكدت حكومة نتنياهو، بدعم من حليفتها الأميركية، أن استئناف العمليات العسكرية "ضروري" لضمان إطلاق سراح الرهائن.
وأفاد الدفاع المدني في غزة مساء الأربعاء عن مقتل أكثر من 470 فلسطينياً بينهم أطفال ونساء جراء ضربات جوية شنها الطيران الحربي الإسرائيلي في قطاع غزة منذ استئناف إسرائيل للقصف الجوي فجر الثلاثاء.
وقال بصل إنه "في اليوم الثاني لتجدد الحرب على غزة سجّل أكثر من 70 شهيداً حتى مساء اليوم في القطاع بينهم أطفال ونساء وعوائل مسحت من السجل المدني".
وطال قصف للجيش الإسرائيلي "منزلاً أقيم فيه بيت عزاء" في بيت لاهيا شمال القطاع، ما أوقع "14 شهيداً على الأقل وعدد من المصابين من عائلة واحدة"، وفق ما أفاد الدفاع المدني.
أكّد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع مقتل أحد موظفيه في غزة جراء "ذخيرة" قد تكون "انفجرت أو أسقطت" على موقع المجمع الأممي في مدينة دير البلح في وسط قطاع غزة.
وعلى الإثر، اتّهمت حماس إسرائيل بـ"ترهيب المدنيين وعمال الإغاثة في غزة".
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن "حزنه وصدمته العميقين" إثر مقتل الموظف في المنظمة بعد "ضربات" على مبان للأمم المتحدة في غزة، وطالب بإجراء "تحقيق كامل"، حسبما أفاد المتحدث باسمه.
كما قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي عبر منصة إكس "يجب التحقيق في هذا الحادث بشفافية ومحاسبة المسؤولين عنه. يجب حماية الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني".
من جهتها، نفت إسرائيل تنفيذ القصف، وقال أورن مارمورشتاين متحدثاً باسم الخارجية الإسرائيلية على منصة إكس "نعرب عن الحزن لوفاة مواطن بلغاري هو موظف في الأمم المتحدة، في قطاع غزة. هناك تحقيق في ملابسات الحادث"، مضيفاً "نشدد على أن الفحص الأولي لم يظهر أي صلة بأي نشاط" للجيش في المنطقة.
وأصدر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس "تحذيراً أخيراً" لسكان غزة الأربعاء، قائلاً "خذوا بنصيحة رئيس الولايات المتحدة. أعيدوا المخطوفين وتخلّصوا من حماس، والخيارات الأخرى ستفتح أمامكم، بما في ذلك إمكان المغادرة إلى أماكن أخرى في العالم لمن يرغب في ذلك".
وعلى غرار الثلاثاء، استمرّ الرجال والنساء والأطفال في النزوح من شمال قطاع غزة سيراً أو في عربات مكتظة حاملين فرشاً إسفنجية وأحواضاً بلاستيكية وحصائر أو خياماً، في ظلّ اضطرارهم مجدداً للنزوح الجماعي الذي كانوا قد عاشوه خلال أشهر الحرب.
والثلاثاء، بعد شهرين من دخول اتفاق الهدنة حيّز التنفيذ، شنّت إسرائيل أعنف غاراتها على غزة منذ 19 كانون الثاني/يناير، وحذّر نتنياهو من أن هذه الهجمات "ليست سوى البداية".
لكنّ نتنياهو يتعرض لضغوط في إسرائيل أيضاً.
وفي القدس، تظاهر آلاف الأشخاص الأربعاء، متهمين رئيس الوزراء بمواصلة الحرب من دون مراعاة مصير الرهائن.
وقال المتظاهر يوسي إبستين (65 عاماً) العامل في قطاع التكنولوجيا، "لن نتمكّن من تحرير الرهائن إلا من خلال المفاوضات والاتفاق. ليس لدينا خيار آخر".
وامتدّت المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار ستة أسابيع، تمّ خلالها الإفراج عن 33 رهينة بينهم ثماني جثث، في مقابل أكثر من 1800 معتقل فلسطيني.
لكنّ المفاوضات التي جرت أثناء التهدئة بوساطة قطر والولايات المتحدة ومصر وصلت إلى طريق مسدود.

وتريد حماس الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق والتي تنصّ على وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب إسرائيل من غزة، وإعادة فتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الرهائن المتبقين.
في المقابل، تريد إسرائيل تمديد المرحلة الأولى حتى منتصف نيسان/أبريل وتطالب بـ"نزع السلاح" من غزة وإنهاء سلطة حماس التي تحكم القطاع منذ عام 2007، للمضي قدماً في المرحلة الثانية.
وقامت إسرائيل بالفعل بمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وقطع الكهرباء.
وأدّت الحرب في غزة إلى مقتل 48577 شخصاً على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقاً لبيانات وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة. ولا تشمل هذه الحصيلة قتلى الثلاثاء والأربعاء.
محور نتساريم
إلى ذلك، حظر الجيش الإسرائيلي التنقّل على محور صلاح الدين، الطريق الرئيسي الممتد من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، بعدما أعلن في اليوم السابق إطلاق عملية عسكرية برية "محدّدة" في القطاع الفلسطيني.وقال الناطق باسم الجيش أفيخاي أدرعي عبر "إكس": "خلال الساعات الماضية بدأت قوات جيش الدفاع عملية برية محدّدة في منطقة وسط قطاع غزة وجنوبه بهدف توسيع المنطقة الدفاعية بين شمال القطاع وجنوبه (...) من أجل سلامتكم يحظر الانتقال على محور صلاح الدين بين شمال القطاع وجنوبه وبالعكس".
وأضاف "التحرّك من شمال القطاع إلى جنوبه يسمح فقط عبر طريق الرشيد (البحر)". من دون أن يحدّد ما إذا كان الجيش يسمح بالتحرك من الجنوب إلى الشمال عبر هذا المحور.
ولم يرد الجيش الإسرائيلي على الفور على طلب وكالة "فرانس برس" التوضيح.
في غزة، أفاد مسؤول في وزارة الداخلية في غزة فرانس برس أن "الاحتلال أغلق منذ امس مفترق الشهداء على طريق صلاح الدين (نتساريم) وقطع حركة التنقل بين شمال وجنوب قطاع غزة في انتهاك صارخ للاتفاق".
وأضاف "دبابات الاحتلال توغّلت على مفترق نتساريم بعد انسحاب عناصر الأمن الأميركي الخاص صباح أمس". وتم نشرهم في شباط/فبراير في إطار اتفاق وقف إطلاق النار.