نتنياهو يصعّد في الضفة الغربية... أهداف إسرائيليّة لتغييرات جذرية

تصعيد نوعي مستمر في الضفة الغربية أطلقته إسرائيل نهاية الأسبوع الماضي، كانت أبرز ملامحه إعلان إخلاء ثلاثة مخيّمات رئيسية، طولكرم وجنين ونور شمس، تنشط فيها حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، بالإضافة إلى نشر وحدة دبابات في مدينة جنين، وهي المرّة الأولى التي تعمل فيها الدبابات في الأراضي الفلسطينية منذ نهاية الانتفاضة الثانية في عام 2005.
يبدو أن إسرائيل تستعد للبقاء مدّة طويلة في المخيّمات، تحت عنوان "منع عودة" نشاط "حماس" والفصائل الفلسطينية المقرّبة منها في الضفة الغربية، وهو عنوان فرعي يندرج تحت العنوان الأكبر، نقل التركيز الإسرائيلي إلى الضفّة وتهجير سكّانها وتقويض سيطرة السلطة الفلسطينية وتوسيع المستوطنات تمهيداً لإعلان السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.
تجد إسرائيل في عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض الفرص الذهبية لتنفيذ مشاريعها الاستراتيجية في غزّة والضفة الغربية، وستستفيد من ولاية ترامب إلى أقصى الحدود قبل تبدّلها بعد أربع سنوات، وانطلاقاً من هذه المعطيات، وسّعت العمليات في الضفة سعياً لإرساء واقعين سياسي وأمني جديد يتماشى مع "العصر الإسرائيلي".
مصادر فلسطينية تقول إن العملية في الضفة الغربية دخلت شهرها الثاني، لكونها بدأت في 21 كانون الأول 2024، والوتيرة المفتاوتة للعملية بين تصعيد وهدوء نسبي تشي بأنها ستكون "عملية طويلة" تهدف من خلالها إسرائيل إلى "تهجير أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين"، مذكّرةً بكلام وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس حينما كشف عن "إجلاء 40 ألف فلسطيني" من المخيّمات الثلاثة.
وتلخّص المصادر خلال حديثها مع "النهار" أهداف العمليات الإسرائيلية في الضفة، وفي مقدمها ضرب أيّ قدرات عسكرية لفصائل فلسطينية كـ"حماس" وغيرها، تهجير الفلسطينيين، توسيع عمليات الاستيطان، إظهار السلطة الفلسطينية بثوب ضعيف لضرب مقوّمات سيطرتها، والتمهيد لتغيير المشهد السياسي وبعده الإداري من خلال بسط السيادة الإسرائيلية على الضفة، والخلاصة "دفن مشروع الدولتين إلى الأبد".
الحديث عن فرض السيادة الإسرائيلية يعود أشهراً إلى الوراء، حينما قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن "عام 2025 سيكون عام فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية"، بعد أيام قليلة من فوز ترامب بالانتخابات الأميركية، وهو تسلسل زمني يعكس مدى اعتماد التطرّف الإسرائيلي على الرئيس الأميركي لتنفيذ هذه المشاريع.
تربط المصادر بين المجريات الميدانية في الضفة الغربية ومشروع سموتريتش الذي يدعمه نتنياهو لجملة من الأسباب، على رأسها توسيع السيطرة الإسرائيلية، وضمان دعم اليمين الديني المتطرف لحكومته، المتمثّل بوزير المال الذي أبدى امتعاضه من صفقة وقف إطلاق النار في غزّة، لكنه لم يستقل من الحكومة، و"يركّز في رؤاه على الضفة الغربية، لكونها أرضاً لها رمزية دينية عند اليهود".
وعن قدرة الفصائل الفلسطينية على مواجهة إسرائيل عسكرياً، تشير المصادر إلى أن إمكانيات التنظيمات في الضفة متواضعة مقارنة بقدراتها في غزّة بسبب الرقابة الإسرائيلية، وتستشهد بالعمليات التي ينفذها هؤلاء العناصر، كتفجير عبوات محلية الصنع في غرب جنين، فيما القدرات الإسرائيلية متطورة أكثر في ظل التهديد بالاستعانة بالطيران الحربي لمساندة العمليات البرية.
في المحصّلة، فإن إسرائيل ماضية في تنفيذ مشروعها الأوسع في الضفة الغربية، بضوء أخضر أميركي، المشروع الذي من شأنه أن يبدّل خريطة موازين القوى في المنطقة ويفتح الباب أمام مشاريع إقليمية أوسع، فيما الفلسطينيون عاجزون ومعهم المجتمع الدولي عن التأثير على مجريات الأمور.