أعلن الدفاع المدني السوري انتهاء أعمال البحث عن معتقلين محتملين في أقبية سرّية بسجن صيدنايا من دون العثور على أي منهم.
وأضافت، في بيان :"لم نعثر على أي دليل يؤكد وجود أقبية سرية أو سراديب غير مكتشفة في سجن صيدنايا".

واستمرّت عمليات البحث عن معتقلين في سجن صيدنايا في ريف دمشق على مدار يومين، على أمل العثور على مفقودين، سواء في السجلات، أو في أقبية ربما تكون سرّية أو مخفية.
ووفق فرق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، لم يعثر على أي أبواب سرية يتم الحديث عنها، ولا يزال العمل جاريا بأدوات الخرق والبحث والمجسات الصوتية حتى اليوم.
وبحسب مدير الخوذ البيضاء رائد الصالح فإنه: "لم تعثر فرقنا التي وصلت إلى سجن صيدنايا على أي أبواب سرية يتم الحديث عنها، الفرق تعمل بأدوات الخرق والبحث والمجسات الصوتية وبوجود فرق k9 التي تضم كلاباً مدربة، ويرافقنا في البحث أشخاص يعرفون كل تفاصيل السجن إضافة لاعتمادنا على إرشادات من أناس تم التواصل معهم من قبل الأهالي على أنهم يعرفون مداخل السجن والأقبية السرية، ونعمل بكل طاقاتنا ولكن حتى الآن لا دلائل تؤكد وجود معتقلين ضمن أقبية أو سراديب السجن، وسنستمر في البحث حتى التأكد من جميع أقسامه وبدقة".
واللافت أن الغالبية العظمى من المطلق سراحهم من سجن صيدنايا يعانون من فقدان الذاكرة وتبدو عليهم آثار التعذيب وعدم التوازن النفسي.
عشرات الجثث!
في الموازاة، أعلنت فصائل معارضة أنّ مقاتليها عثروا الإثنين داخل غرفة تبريد في مستشفى قرب دمشق على نحو أربعين جثة موضوعة داخل أكياس بيضاء وعليها علامات تعذيب.
وقال محمّد الحاج، أحد مقاتلي "غرفة عمليات الجنوب"، وهو ائتلاف فصائل معارضة، لوكالة "فرانس برس" عبر الهاتف من دمشق "فتحتُ باب غرفة التبريد بيدي، كان المشهد مهولاً، حوالى أربعين جثة مكدّسة داخلها وعليها آثار تعذيب لا يصدّقه عقل".

وأظهرت صور ومقاطع فيديو التقطها الحاج داخل مستشفى حرستا، شمال شرق دمشق، واطّلعت "فرانس برس" عليها، جثة شخص اقتلعت عيناه، وآخر اقتلعت أسنانه، ودماء تجمّدت على وجنة ثالث، بينما كانت الكدمات واضحة على أجساد آخرين. وبين الجثث، صرّة داخلها عظام وجثة شخص قفصه الصدري ظاهر.
والجثث موضوعة بأكياس بلاستيكية بيضاء أو ملفوفة بقماش، على بعضه بقع دماء، وتحمل جميعها أرقاماً وبعضها أسماء، تمّ تدوينها على القماش أو على شريط لاصق على الأجساد. ويبدو واضحاً أنّ بعضها يعود لأشخاص قضوا حديثاً. وبينما يرتدي بعض الموتى ثياباً بدا آخرون عراة.

ومع إعلان فصائل معارضة الأحد إسقاط الرئيس بشار الأسد ونظامه الذي حكم سوريا بيد من حديد طيلة عقود، تتوجّه الأنظار إلى سجون ومراكز اعتقال في دمشق ومحيطها، شهدت وفق معتقلين سابقين ومنظّمات حقوقية أسوأ أنواع التعذيب.
وتوجّه الآلاف الإثنين إلى سجن صيدنايا السيئ الصيت في ريف دمشق بانتظار معرفة أخبار عن أقرباء لهم.
وأوضح الحاج لـ"فرانس برس": "بناء على إخبار وصلنا من أحد العاملين عن وجود مستودع لتجميع الجثث، توجّهنا إلى المستشفى، ووجدنا في الطابق الأرضي برادات تبريد متنقلة، كانت الجثث موضوعة فيها".

وأضاف "بعدما أبلغنا القيادة العسكرية بما وجدناه، تم التنسيق مع الهلال الأحمر السوري الذي حضر ونقل الجثث إلى مستشفى في دمشق، تمهيداً لدعوة الأهالي للقدوم والتعرّف على الجثث".
وفي وقت لاحق، شاهد مصوّر لـ"فرانس برس" عائلات تهرع إلى مستشفى المجتهد في دمشق، حيث نقلت الجثث، للتعرّف عليها، وسط حالة من الحزن والذهول.
وقال دياب سرية، من رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، لـ"فرانس برس" إن مستشفى حرستا "كان مركزاً رئيسياً لتجميع الجثث الآتية من صيدنايا أو مستشفى تشرين قبل نقلها إلى المقابر الجماعية".
وأضاف معلّقاً على مقاطع الفيديو التي التقطها الحاج "من الضروري أن يتم توثيق ما رأيناه في هذا الفيديو من مستشفى حرستا، ويظهر غالبا جثثاً لمعتقلين من صيدنايا، تم تجميعها قبل نقلها إلى مقبرة جماعية".
ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الانسان، قضى نحو 60 ألف شخص تحت التعذيب أو بسبب ظروف الاحتجاز المريعة في سجون النظام السوري. ودخل نصف مليون شخص سجون السلطة منذ بداية الحرب، وفقاً للمصدر ذاته.

وتحدّثت منظمات حقوقية مراراً عن "أصناف التعذيب"، من استخدام الكهرباء والاعتداء والإذلال الجنسي واقتلاع الأظافر.
ويرى محمّد الحاج المقاتل الشاب المتحدر من محافظة درعا (جنوب) أنّ جهود الفصائل والمنظّمات الحقوقية يتعيّن أن تتركّز في الفترة الانتقالية المقبلة على "كشف الجرائم التي ارتكبها الأسد في السجون ومراكز الاعتقال، علّنا نخفّف من معاناة الأمّهات".
ويضيف "نأمل أن يحاسَب الأسد كمجرم حرب".
نبض