كرّست زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للسعودية ولقاؤه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان علاقة شخصية متينة بين الرجلين تعطي لفرنسا فرصة لتعاون أكبر وتفاهم على الصعيد السياسي على أمور تهم البلدين في منطقة الشرق الأوسط. وفي طليعة الاهتمامات المشتركة للبلدين التوصل الى وقف لإطلاق النار في غزة والبحث عن حل سياسي على أساس الدولتين، وهو ما كان موضوع محادثات موسعة في ضوء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الدعوة إلى مؤتمر برئاسة فرنسا والسعودية في حزيران (يونيو) 2025.
وفي الموضوع اللبناني تناولت المحادثات مساعدة السعودية الجيش اللبناني بالتجهيزات والمال كي يتمكن من الانتشار في الجنوب وبسط سيادة الدولة وضمان وقف إطلاق النار، وعلمت "النهار" من مصادر فرنسية أن السعودية جاهزة لمساعدة كل ما يساهم في بسط السيادة اللبنانية وترى أنه ينبغي على "حزب الله" ان يتخلى عن سلاحه ويسلم بمصلحة الشعب اللبناني، وخصوصا مصلحة بيئته على امتداد الوطن، والتي تتطلع مثل بقية اللبنانيين الى مستقبل أفضل في بلد مستقل آمن وسالم ولا يعمل لخدمة حروب الآخرين على ارضه. ويرى ماكرون أن عودة النازحين اللبنانيين الى القرى التي غادروها ينبغي ان تتم بأسرع وقت خلال فترة وقف اطلاق. ويتمنى أن يلتئم النصاب القانوني للبرلمان اللبناني لعقد جلسة 9 كانون الثاني (يناير) لانتخاب رئيس للبنان في أسرع وقت، علماً أن الأميركيين والسعوديين يفضلون أن يجري الانتخاب بعد تسلم دونالد ترامب الرئاسة الأميركية. و في طليعة الأسماء التي يتم تداولها قائد الجيش العماد جوزف عون والوزير السابق زياد بارود والمصرفي سمير عساف والدبلوماسي ناصيف حتي. ويحظى العماد عون باحترام وتقدير، لكن باريس ترى انه ينبغي أن يبقى قائداً للجيش لأن دوره ضروري، والسعودية تحبذ هذا الدور وهي مدركة لقدرته أيضا على ان يتولى الرئاسة. لكن يبدو، بحسب أوساط فرنسية متابعة، أن الإسم الصاعد الآن هو وزير الداخلية اللبناني السابق زياد بارود الذي يملك خبرة سياسية وليس محبذاً من "حزب الله" الذي ضعف بشكل كبير الآن.
ويتطلع ماكرون والامير محمد بن سلمان، وفق مصادر فرنسية، الى تثبيت وقف إطلاق النار في لبنان وبسط السيادة اللبنانية على الأراضي اللبنانية والتصدي لمحاولة "حزب الله" إعادة بناء سلاحه. وفي هذا الإطار يرى ماكرون أن على الدول الغربية والإدارة الجديدة للرئيس ترامب أن توسع محادثاتها مع إيران، ليس فقط حول الملف النووي، ولكن أيضا حول دورها في المنطقة عبر "حزب الله" والحوثي وميليشيات العراق، من أجل وقف زعزعة استقرار المنطقة.
نبض