فضل شاكر أمام امتحان القضاء بعد 13 عاماً من الهروب

بعد أكثر من عقد على اختفائه عن الأضواء وتواريه عن الملاحقة القضائية، سلّم الفنان فضل شاكر نفسه إلى مخابرات الجيش اللبناني، في خطوة أنهت سنوات طويلة من الغياب وأعادت فتح أحد أكثر الملفات التباساً بين الفن والسياسة والأمن في لبنان.
الخطوة المفاجئة، التي جرت بهدوء ومن دون ضجيج، تفتح الباب أمام سلسلة من الإجراءات القضائية والإدارية الدقيقة، التي ستحدد مصير شاكر القانوني بعد رحلة فرار امتدت منذ أحداث عبرا عام 2013، وكان من المستحيل إنهائها الاّ بتسليم نفسه.
وفق التسلسل القانوني المعتمد، يجري في البداية تسليم الموقوف إلى الجهة القضائية المختصة، أي النيابة العامة العسكرية في هذه الحالة، باعتبار أن القضايا العالقة ضد شاكر مرتبطة بملفات ذات طابع أمني وعسكري.
وبعد إجراء التحقيق الأولي في مخابرات الجيش، يُنقل الموقوف إلى القضاء العسكري حيث يُستجوب رسمياً بحضور ممثلي الادعاء والدفاع، تمهيداً لإعادة فتح الملفات التي صدرت فيها أحكام غيابية خلال فترة فراره.
القانون اللبناني ينص بوضوح على أن كل حكم غيابي يُسقط تلقائياً بمجرد مثول المحكوم عليه أمام القضاء، وتُعاد المحاكمة من البداية.
هذا يعني أن فضل شاكر سيُحاكم من جديد في القضايا التي سبق أن دين فيها غيابياً، بما في ذلك ملف مشاركته المفترضة في الاشتباكات التي اندلعت في عبرا (مع الشيخ أحمد الاسير في مواجهة الجيش اللبناني) ، إضافة إلى اتهامات بالتحريض ومساعدة مجموعات مسلحة.
وسيكون أمامه، للمرة الأولى منذ صدور تلك الأحكام، الحق في تقديم دفاعه كاملاً وإحضار شهوده وأدلته.
خلال هذه المرحلة، سيجري الاستماع إلى أقوال شاكر أمام المحقق العسكري، ويُسمح له بتوكيل محامين لمتابعة الملف.
كما يُستدعى شهود وضباط سابقون شاركوا في عمليات عبرا أو تابعوا ملفه، في محاولة لتكوين صورة دقيقة عن دوره الحقيقي في الأحداث، بعد سنوات من التناقض في الروايات بين ما نُقل إعلامياً وما ورد في محاضر التحقيقات.
في حال ثبوت وجود ما يوجب المحاكمة، تُحدد مواعيد للجلسات العلنية أمام المحكمة العسكرية الدائمة، حيث تُعرض الأدلة ويُسمع الشهود والدفاع.
وتشير مصادر قضائية إلى أن المحكمة قد تميل إلى تسريع النظر في القضية نظراً لطبيعتها الحساسة وحجم الاهتمام العام بها، لكن ذلك يبقى رهن مسار التحقيقات وما إذا كانت الملفات كاملة أو بحاجة إلى استكمال.
في عام 2015 لمح شاكر إلى احتمال إبرام تسوية قضائية تتيح له المثول أمام القضاء، لكن الفكرة واجهت اعتراضات سياسية وإعلامية حادة.
وبينما صدرت أحكام مشددة في بعض القضايا، قضت المحكمة العسكرية عام 2018 ببراءته من تهم القتل والمشاركة في الأعمال الإرهابية، معتبرة أن الأدلة غير كافية.
إلا أن هذه البراءة الجزئية لم تغلق الملف نهائياً، وظلت القضايا الأخرى قائمة، ما جعله يعيش سنوات طويلة بين الفن والمنفى القضائي داخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين.
في السياق اللبناني، كثيراً ما تُفتح أبواب التسويات القانونية أو العفو الجزئي في حالات مشابهة، خصوصاً إذا تبيّن أن المتهم لم يشارك مباشرة في أعمال مسلحة أو إذا أبدى تعاوناً مع القضاء.
وتشير أوساط قانونية إلى أن شاكر، الذي سبق أن أعلن مراراً براءته من المشاركة في القتال، قد يسعى إلى تسوية تُفضي إلى خفض العقوبة أو إسقاط بعض التهم في مقابل تعهده بالتعاون الكامل مع السلطات.
يذكر ان شاكر ملاحق من القضاء العسكري بخمس قضايا مختلفة صدرت فيها أحكام غيابية تراوحت بين خمس سنوات وخمس عشرة سنة من الأشغال الشاقة، بعد اعتباره فارّاً من العدالة منذ عام 2013.
في النهاية، لا يزال من المبكر الجزم بمصير فضل شاكر. لكن المؤكد أن تسليمه نفسه بعد سنوات من الفرار، لم يكن من الفراغ وسط حديث عن "ضمانات" تنهي ملفه سريعا ولكن بالطبع ليس خلال ايام انما ربما تمتد لأشهر قليلة قبل اتخاذ القرار الذي يحدد مصير ملفه .