مونديال الأندية... بطولة حواري لا جدوى منها؟
أنفق الاتحاد الدولي لكرة القدم نحو 50 مليون دولار على مؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي وطهاة، من أجل الترويج لكأس العالم للأندية، التي تحتضنها حالياً الولايات المتحدة، والتي تعدّ "بروفة" لنهائيات مونديال أميركا الشمالية 2026 للمنتخبات العام المقبل.
يرسم هذا الإنفاق علامات استفهام حول شعبية كرة القدم في الولايات المتحدة، خصوصاً أنّ العديد من المباريات في الجولة الأولى للدور الأول بقيت مقاعدها فارغة، مما أثار قلق الـ "فيفا" والمنظّمين حول مسألة الحضور الجماهيريّ، خصوصاً بعدما حضر أقلّ من 600 مشجع المباراة بين "ماميلودي صنداونز" الجنوب أفريقي، و"أولسان" الكوري الجنوبي على ملعب يتسع لـ25500 متفرج في مدينة أورلاندو.
وتعدّ البطولة المستحدثة المشروع المفضل لرئيس الـ"فيفا" جاني إنفانتينو، إلا أنها واجهت تحدّيات تنظيمية عدة، خصوصاً بتسويقها الجماهيري في داخل الأسواق الأميركية، حيث ركّز الـ "فيفا" بشكل ملحوظ على وسائل التواصل الاجتماعي، عبر دعم منشورات مدفوعة الأجر لعدد من المؤثرين لشرح كرة القدم للجمهور الأميركي، وحتى لطهاة مؤثرين، للتواصل مع جمهور الرياضة غير التقليدي، فيما لجأ الـ"فيفا" إلى لوحات الطرق الإعلانية في العديد من المدن.
كذلك، اضطر الـ "فيفا" إلى خفض الأسعار بشكل ديناميكي، حيث كانت أرخص تذكرة متاحة تبلغ نحو 35 دولاراً في كانون الأول/ديسمبر، ثم انخفض السعر إلى 55 دولاراً فقط، قبل أيام من انطلاق البطولة. ومع ذلك، بقي الحضور الجماهيري ضعيفاً، إذ شهدت مباراة تشيلسي الإنكليزي أمام لوس أنجليس إف سي الأميركي في أتلانتا بولاية جورجيا حضوراً باهتاً أيضاً، حيث لم يتجاوز عدد الجماهير الـ 22 ألف متفرج في استاد تبلغ سعته 75 ألف مقعد، فأجبر ضعف الإقبال المنظمين على إغلاق الطابق العلوي من المدرجات بالكامل. وسيبقى الرهان على مباريات الأدوار الإقصائية لرفع معدل الحضور الجماهيري، إذ من المفترض أن تشهد حضور كبار الأندية والنجوم.
مسألة الحضور الجماهيري فاقمت الانتقادات للبطولة، إذ يرى الكثيرون بأنه لا جدوى منها. ووفق استفتاء لشبكة "فوت ميركاتو" حول ما إذا كان الجمهور متحمساً للبطولة، أكد أغلب المصوّتين (70%) أنهم غير متحمّسين لها، لتزداد علامات الاستفهام حول المسابقة المستحدثة.
وزادت الفوارق الفنية "الطين بلة"، إذ وصفت مجلة "سبورت" البطولة بأنها "بطولة حواري تدعى كأس العالم"، وأضافت: "لا يتعلق بالتقليل من شأن من سيتوج باللقب، بل بالسياق الذي أُقيمت فيه البطولة، لا ماهيتها، فالـ "فيفا" تصرّف كالعادة، متجاوزاً كلّ الحدود، ومستفيداً من سطوته العالمية، في مشهد يظهر كيف يمكن للأثرياء القيام بكل شيء بلا تبعات".
وأردفت: "عندما يتعلق الأمر بالمال، لا أحد يتفوّق على الـ"فيفا"، المنظمة المتعددة الجنسيات التي تتصرّف وكأنها هيئة حكومية. لا شيء يضاهي الغرق في الوفرة: جائزة مالية ضخمة للفائز تعكس حجم البذخ في بطولة 32 فريقاً، لا تتسع لأسماء كبرى مثل ليفربول وبرشلونة".
وفتح رئيس رابطة الدوري الإسباني "لا ليغا" خافيير تيباس النار على البطولة، وعلى رئيس الاتحاد الدولي، وقال: "هدفي الحالي هو ألا تُقام المزيد من نسخ بطولة كأس العالم للأندية في المستقبل. هذا تورّط إضافي، لا يتوافر فيه التوقيت المناسب، ولا وجود لمردود مالي إضافي؛ ومن المفترض أن يعود كلّ شيء إلى نهجه الأوليّ، كما كان يُقام سابقاً، مجرّد فعالية لنهاية الأسبوع فقط لا غير. وحتى أكون شفافاً وصريحاً مع الجميع، لم أتابع أكثر من 25 دقيقة فقط من إحدى المباريات، لأنها تفتقر للإثارة والمتعة".
وربط تيباس بين إشباع الأندية الأضخم اقتصادياً بموارد من مصادر أخرى، وأثر "عدم التوازن" هذا سلباً على بقية الأندية الصغيرة والمتوسطة، مطالباً بعودة بطولة كأس العالم للأندية إلى ما كانت عليه سابقاً، فتبقى بوصفها حدثاً أسبوعياً فقط، لأنّ المواجهات تبدو كأنها ودية فقط، ولا وجود فيها للحدّة والإثارة والرغبة في المنافسة؛ والتوقيت في مثل هذا الوقت من السنة يُشكّل صعوبات كبرى للدوريات الأوروبية، التي تعمل على تنظيم نفسها، قبل انطلاق الموسم الجديد.

وبرأي "سبورت" أيضاً: "المال سيسكت الأندية، لكن من يشارك سيدفع الثمن لاحقًا، موسم مرهق، طويل، تشكيلات مختلطة بين موسمين، كما هو الحال مع ريال مدريد الذي يظهر بنسخته لموسم 2025-26".
نبض