ترك وقف إطلاق النار في غزة ارتياحاً لدى سائر العواصم العربية، ومنها لبنان، ولا سيما أن جبهة المساندة والإشغال التي قادها "حزب الله" أدت إلى الحرب الشاملة، من خلال ما حصل في الأشهر المنصرمة وكان له الأثر البالغ في دخول البلاد المستنقع الأخطر في تاريخه، بفعل الخراب والدمار والضحايا ومن ثم اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله وقادة الصف الأول.

فهل لوقف الحرب في غزة وتبادل الأسرى انعكاسات وارتدادات إيجابية على الداخل اللبناني؟ 

قبل التوصل إلى الاتفاق الذي رعته الدوحة بقرار أميركي كبير من الرئيسين الحالي والمنتخب جو بايدن ودونالد ترامب، بعدما هدد الأخير بالجحيم ما لم يتم إطلاق الأسرى، تم التوافق على عملية التبادل الشاملة والواسعة والأكبر منذ سنوات طويلة. فالمساندة توقفت قبل هذا الاتفاق. بمعنى أوضح، القرار 1701 أوقف الحرب، ثم تراجع "حزب الله" عن بدعة المساندة، وصولاً إلى ما جرى في الأيام الماضية من انتخاب رئيس للجمهورية، وتكليف القاضي نواف سلام تشكيل حكومة العهد الأولى، أضف إلى ذلك زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبيروت، وما سبقها من زيارات وفود غربية وعربية وخليجية. لذا، دخل لبنان مرحلة جديدة.

 في هذا السياق، يبدو جلياً أن قادة "حماس" في لبنان، منهم من اختفى عن الأنظار، والبعض الآخر يجيب بلباقة رافضا الكلام في أي موضوع، بمن فيهم المسؤول الإعلامي للحركة، وثمة تعميم للامتناع عن الخوض في أي ملف يخص غزة أو العلاقة مع "حزب الله" وكل ما جرى في الآونة الأخيرة. ويلاحظ أن قادة "حماس" باتوا بعد التدخل الأميركي مع الدوحة موزعين في إفريقيا وسواها، وهناك غياب تام عن الإعلام والمواقف السياسية، وظهرت أسماء غير معروفة تولت عملية التبادل، فيما كان خليل الحية الوحيد الذي ظهر في الإعلام، وقيل يومها إنه سيخلف إسماعيل هنية في رئاسة المكتب السياسي لـ"حماس"، إلى أن تم التوصل إلى ما سمي القيادة الجماعية للحركة، يلتقي أعضاؤها عبر التواصل المباشر وغير المباشر لدواع أمنية.

أحد المسؤولين الفلسطينيين "أبو رامي" قال لـ"النهار": "وقف النار في غزة أراح الفلسطينيين في ظل رحلة العذاب التي خاضوها منذ فترة طويلة، وأدت إلى تدميرها، وعملية ترانسفير هي الأخطر، ناهيك بعدد الشهداء الكبير. وتداعيات هذه الحرب ستستمر لسنوات طويلة، إنما من الطبيعي على الصعيد اللبناني أن تنعكس إيجاباً، نظراً إلى الوجود الفلسطيني في لبنان. بمعنى أوضح، أي مساندة أو مشاغلة من "حزب الله" وسواه انتفى مبرر وجودها في هذه المرحلة، ودخلنا في حقبة جديدة على الصعيد الفلسطيني في غزة، وقد يكون هناك مشاركة عربية لحفظ الأمن والسلام، ومن ثم إعادة إعمار بدعم عربي ودولي ضمن الاتفاق الذي حصل. وثمة تبعات كثيرة سنشهدها خلال مرحلة ليست بعيدة. فعلى الصعيد اللبناني الإيجابيات ستتوالى بعدما كان هناك ربط للحرب في غزة بما يجري في الجنوب، وبناء عليه، "حماس" في لبنان تتعاطى الشأن السياسي، وليس هناك أي عمل عسكري أو تدخلات في اتجاه فلسطين المحتلة وسوى ذلك، خلافاً لما كان يحصل من إطلاق صواريخ سميت "اللقيطة".