إسرائيل نحو الاستقلالية التسلّحية: قنابل ثقيلة بصناعة محلية؟

اسرائيليات 14-01-2025 | 05:42

إسرائيل نحو الاستقلالية التسلّحية: قنابل ثقيلة بصناعة محلية؟

 يشكك بعض المحللين في إمكانية تسريع الإنتاج المحلي العسكري الإسرائيلي في أي وقت قريب، وفق "واشنطن بوست"، مع الإشارة إلى أن إسرائيل تعتمد على الواردات الأجنبية في معظم معداتها الرئيسية، بما في ذلك الولايات المتحدة للطائرات المقاتلة مثل F-35 وألمانيا للغواصات، وبرأي الخبراء، من الصعب التخلّص من اعتماد تل أبيب على واشنطن.
إسرائيل نحو الاستقلالية التسلّحية: قنابل ثقيلة بصناعة محلية؟
Smaller Bigger
تتعلم إسرائيل الدروس من حربها الأطول، وتأخذ العبر على جميع المستويات، سياسياً واقتصاياً وعسكرياً، محلياً ودولياً. آخر الدروس كان محاولة تحقيق حدّ أقصى من استقلالية تأمين السلاح، وتوفير حاجياتها من القنابل الثقيلة عبر الإنتاج المحلي، وهو أمر دونه عقبات كثيرة مالية ولوجستية وسياسية. لكن إسرائيل تقيّمه بميزان الربح والخسارة، وبدأت تستعد له وتتخذ الخطوات المطلوبة لتحقيقه.

دوافع عديدة خلف محاولة إسرائيل الاستقلال عسكرياً عن المجتمع الدولي الداعم لها، وعلى رأسه الولايات المتحدة، أبرزها هدف التحرّر من ضغوط شروط الاستخدام وتقييده، والتخفيف من وطأة النفوذ الذي يمارس عليها من قبل الدول المصدّرة لها، بالإضافة إلى تأمين مخازنها في ظلّ النقص الذي يعانيه العالم جرّاء الحروب المفتوحة من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط.

هذا الاتجاه يؤكّده مسؤولون إسرائيليون، تنقل عنهم صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تعهّدهم بالمضيّ قدماً في ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للصحفيين قبل عام إنه خطة "للانفصال عن الاعتماد على بقية العالم". وقد تعزّز بعد أزمة سياسيّة نشبت بينه وبين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إثر تأخير بعض شحنات القنابل الثقيلة.

الأزمة لم تقتصر على نتنياهو – بايدن، بل خرقت المجتمع السياسي الداخلي الأميركي. وفي هذا الإطار، يلفت إفرايم إنبار، رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن، وهو مركز أبحاث إسرائيلي، إلى "الانتقادات المتزايدة لاستخدامات إسرائيل للأسلحة من قبل العناصر التقدمية في الحزب الديمقراطي"، بينهم السيناتور بيرني ساندرز الذي حاول منع بعض المبيعات.

خطوات لتحقيق الاستقلالية
بدأت إسرائيل باتخاذ خطوات على مسار تحقيق "الاستقلالية التسلّحية". وفي هذا السياق، كشفت وزارة الدفاع الإسرائيلية عن توقيعها صفقات بقيمة نحو 275 مليون دولار لإنتاج قنابل ثقيلة وموادّ خام للدفاع، في وقت اعتبر المدير العام للوزارة إيال زامير "هذا الدرس أساسيّاً من الحرب، ومن شأنه أن يمكّن الجيش الإسرائيلي من الاستمرار في العمل بقوة على جميع المسارح".

الشركة التي وقع عليها الاختيار الإسرائيلي لإنتاج القنابل الثقيلة محلياً هي "إلبيت سيستمز"، وهي واحدة من أكبر ثلاث شركات لإنتاج الأسلحة في إسرائيل، إلى جانب شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI) و"رافائيل". وقال رئيسها التنفيذي بزهليل ماكليس "إن موظفي ومديري "إلبيت سيستمز" ملتزمون بتلبية الاحتياجات المتغيّرة للجيش الإسرائيلي والمؤسسة الدفاعية".

الخطوة العملانية الإسرائيلية عبارة عن تأمين المتفجّرات لصناعة القنابل الثقيلة، ويتحدّث عنها بيتر ويزمان، الباحث البارز في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، الذي يتتبع حركة الأسلحة العالمية، فيقول "إن الصفقة مع إلبيت تشير إلى أن إسرائيل تستورد المواد المتفجرة اللازمة للقنابل والرؤوس الحربية ومحركات الصواريخ".

أغنس الحلو، رئيسة مكتب الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا لموقع Breaking Defense المتخصّص في الشؤون العسكرية، ترى أن إسرائيل قادرة على تحقيق الاستقلاليّة بتصنيع القنابل الثقيلة، لكن على المدى المتوسط لا القريب. أما بالنسبة إلى القنابل الذكية، فمن النادر أن توافق الولايات المتحدة على منح طريقة التصنيع لدول أخرى.

معوقات 
لكن عملية إنتاج السلاح محلياً، والاستغناء نسبياً عن الخارج، دونها معوقات كثيرة. وفي هذا السياق، تنقل الصحيفة الأميركية عن سيث بايندر، الخبير في مركز الديموقراطية في الشرق الأوسط، قوله "على الرغم من أن شركة إلبيت لديها بعض الخبرة، فإن بناء قدرات الإنتاج يستغرق وقتاً والكثير من الأموال"، مشيراً إلى جهود الولايات المتحدة لزيادة القدرة على توفير الذخائر المطلوبة عالمياً.

كذلك يشكك بعض المحلّلين في إمكانية تسريع الإنتاج المحلي العسكري الإسرائيلي في أي وقت قريب، وفق "واشنطن بوست"، مع الإشارة إلى أن إسرائيل تعتمد على الواردات الأجنبية في معظم معداتها الرئيسية، بما في ذلك الولايات المتحدة للطائرات المقاتلة مثل F-35، وألمانيا للغواصات. وبرأي الخبراء، من الصعب التخلّص من اعتماد تل أبيب على واشنطن.

وثمّة أسئلة حول قدرة إسرائيل على تأمين المواد الأولية لهذه الصناعات. وفي هذا السياق، تشير الحلو في حديث لـ"النهار" إلى أن العقد الذي وقّعته وزارة الدفاع مع "إلبيت سيستمز" ينصّ أيضاً على تشييد مصانع لتصنيع المواد الأولية التي تنتج من خلالها القنابل الثقيلة، مما يحرّر إسرائيل من مسائل الاحتكار والنقص العالمي.

إلى ذلك، وجبت مقاربة الملف من جهة معاكسة، هي وجهة نظر المجتمع الدولي المصدّر للسلاح، وبشكل خاص الولايات المتحدة. من منظور سياسي، لا تفضّل هذه الدول استقلال إسرائيل عنها تسلّحياً حتى لا تفقد نسبةً من نفوذها وسيطرتها عليها. ووفق ويليام هارتونغ، الخبير في تجارة الأسلحة في معهد كوينسي، فإن واشنطن قد لا تدعم هذا التوجّه "إذا انتهى الأمر إلى دفعها الفاتورة".

كذلك، لا يتناسق هذا الاتجاه مع توجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يحب أن "يتظاهر بأنه صانع الصفقات النهائي"، والذي أشاد سابقاً بكيفية دعم مبيعات الأسلحة للوظائف في أميركا. وبالتالي، فإن "السماح لإسرائيل بإنفاق المساعدات الأميركية لدعم قطاع الأسلحة الإسرائيلي بدلاً من شراء الأسلحة من الشركات الأميركية يتعارض مع نهجه المعتاد"، وفق ما تنقل "واشنطن بوست" عن هارتونغ.

في المحصّلة، فإن إسرائيل تخطو خطوات محورية من أجل تحقيق استقلالية تسلّحية في ميدان صناعة القنابل الثقيلة، بعدما أحرزت تقدماً كبيراً في مجالات صناعات الدفاع الجوي والمسيّرات، وهذه نتيجة فعلية ومنطقية لحرب 7 أكتوبر تشرين الأول. لكن العين ستكون على الموقف الأميركي ومدى قبول البيت الأبيض بتحقيق إسرائيل استقلالية نوعية.

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/6/2025 12:01:00 AM
لافتات في ذكرى سقوط نظام الأسد تُلصق على أسوار مقام السيدة رقية بدمشق وتثير جدلاً واسعاً.
المشرق-العربي 12/6/2025 1:17:00 PM
يظهر في أحد التسجيلات حديث للأسد مع الشبل يقول فيه إنّه "لا يشعر بشيء" عند رؤية صوره المنتشرة في شوارع المدن السورية.
منبر 12/5/2025 1:36:00 PM
أخاطب في كتابي هذا سعادة حاكم مصرف لبنان الجديد، السيد كريم سعيد، باحترام وموضوعية، متوخياً شرحاً وتفسيراً موضوعياً وقانونياً حول الأمور الآتية التي بقي فيها القديم على قدمه، ولم يبدل فيها سعادة الحاكم الجديد، بل لا زالت سارية المفعول تصنيفاً، وتعاميم.
اقتصاد وأعمال 12/4/2025 3:38:00 PM
تشير مصادر مصرفية لـ"النهار"  إلى أن "مصرف لبنان أصدر التعميم يوم الجمعة الماضي، تلته عطلة زيارة البابا لاون الرابع عشر الى لبنان، ما أخر إنجاز فتح الحسابات للمستفيدين من التعميمين