آلام النساء التي لا تنتهي
لماذا تتألم النساء؟ ما الذي يجعلهن عرضة للآلام المزمنة والأوجاع التي كأنها لا تزول؟ الأرجح أن ظاهرة فيروس كوفيد الطويل الأمد long COVID syndrome، التي تندرج ضمن الآثار الباقية لجائحة كورونا، قد فاقمت من حدة ذلك السؤال الذي يجثم على آفاق الطب منذ سنوات عدة.
إذ أشارت دراسات عدة من بينها تلك التي نشرها "المكتبة الطبية الوطنية" البريطانية، إلى أن ظاهرة الآلام المزمنة التي يسببها كوفيد الطويل الأمد، تصيب الإناث بأضعاف ضرباتها للرجال.
في المقابل، إن آلام كوفيد الطويل لم تأت كصاعقة انقضت من سماء صافية، بل جاءت على خلفية ظاهرة مؤرقة قوامها أن النساء يعانين آلاماً جسدية مزمنة، يرجح أنها تتعلق بتركيبة الهرمونات لديهن.
وقد حاول البروفسور الأميركي واين جوناس، وهو أستاذ أكاديمي في "جامعة جورج تاون" ومؤلف كتاب "كيف يعمل الشفاء؟" How Healing Works، إعطاء إجابة شافية على ذلك في مقال نشره على موقع الكتروني مختص بالطب النفسي.
واستهل جوناس مقاربته بالإشارة إلى مرض إسمه "الألم المزمن" Chronic Pain، يتميز بكون أكثر انتشاراً بين النساء. وأشار ذلك البروفسور إلى أنهن يصبن بأمراض مؤلمة في أجهزتهن التناسلية والهضمية، وكذلك الحال بالنسبة لمفاصل الهيكل العظمي بما فيها عظام الفك. وأوضح جوناس أيضاً أن النساء أكثر انتباهاً للآلام المتأتية من الأمراض الجسدية، بمعنى أنهن يلاحظن وجود الخلل في الصحة بدقة تفوق ما يفعله الرجال.
جينات وهرمونات وقسوة الحب
وفي تفسيره للآلام عند النساء، لفت ذلك الطبيب الأميركي إلى أنها تتصل أولاً بتركيبة الجهاز العصبي لديهن الذي يعطيهن القدرة على ملاحظة الألم مبكراً. ومن الناحية الطبية، ينظر إلى الألم كعارض له جانب "إيجابي"، بمعنى أنه ينبّه إلى حدوث ضرر أو مكروه أو خروج عن الطبيعي في الجسد.
وكذلك أعطى البروفسور جوناس وزناً لعناصر تشمل التركيبة الجينية، والهرمونات النسوية، والمسار النسوي الخاص في مراحل البلوغ، وظهور العادة الشهرية، وتجارب الحمل والولادة، إضافة إلى التغييرات التي تحدث في سنوات ما بعد انقطاع العادة الشهرية وغيرها.
وفي منحى اجتماعي- نفسي، أفرد جوناس مساحة واسعة لنقاش التأثيرات الاجتماعية والعاطفية، خصوصاً العلاقة مع الجنس الآخر وضغوط الحياة المتنوعة، والتعرض للأذى نفسياً وجسدياً، ومكابدة التنمّر والتمييز الاجتماعي في مراحل مختلفة من العمر وغيرها.
يشار إلى أن البروفسور جوناس عمل في الفيالق الطبيّة للجيش الاميركي، وأدار "مكتب الطب البديل" في "معاهد الصحة الأميركية" National Health Institutes بين عامي 1995 و1999. وترأس "مركز التعاون مع الطب البديل" في "منظمة الصحة العالمية".
نبض