النهار

تبدَّل الطفل واللعب والملعب في مراكز إيواء نازحي الحرب
كارين اليان
المصدر: النهار
لا تشبه طفولة الأولاد النازحين اليوم، نظيرتها في بقية المناطق اللبنانية. ومع معاناة ظروف النزوح والحرب والقصف في مناطقهم، يحدث تغيير جذري في حياة تلك الطفولة. وقد تبدَّلَت أماكن لعبهم وتغيَّر كثيرٌ من ألعابهم . اليوم، يلعب الأطفال النازحون في مراكز الإيواء بأسلوب مختلف عما ألِفوه، ويغاير أيضاً أساليب لعب مجايليهم في بقية مناطق لبنان.
تبدَّل الطفل واللعب والملعب في مراكز إيواء نازحي الحرب
يلعب الأطفال في مراكز الإيواء بما توفر لهم من ألعاب
A+   A-

لا تشبه طفولة الأولاد النازحين اليوم، نظيرتها في بقية المناطق اللبنانية. ومع معاناة ظروف النزوح والحرب والقصف في مناطقهم، يحدث تغيير جذري في حياة تلك الطفولة. وقد تبدَّلَت أماكن لعبهم وتغيَّر كثيرٌ من ألعابهم . اليوم، يلعب الأطفال النازحون في مراكز الإيواء بأسلوب مختلف عمّا ألِفوه،  ويغاير أيضاً أساليب لعب مجايليهم في بقية مناطق لبنان.

كيف يلعب أطفال النازحين؟

يبدو وكأن الأطفال في مراكز الإيواء عادوا إلى ألعاب مورست قبل عقود. إنهم يفتقدون ألعابهم التي كانوا يستمتعون بها قبل النزوح. وقد يلهون بما يتوفر لهم من ألعاب تقليدية كـ"الغميضة"، ويتسلّون أحياناً بالحجارة او الألواح الخشبية المتوفرة في مدارس باتت تؤويهم. 

وقد وفّرت لهم جهات معينة مساحات مفتوحة كي يستمتعوا باللعب فيها أثناء تواجدهم في هذه مراكز الإيواء. وعلى الرغم من ظروف قاسية، يستمتع أطفال النازحين بألعاب بسيطة قد توفّر لهم متعة قد لا تقلُّ أحياناً عن تلك التي تقدّمها الألعاب الحديثة.

ووفق ما توضحه الاختصاصية في المعالجة النفسية سيسيليا ضومط، يتأقلم الأطفال بالفعل في أي مكان يتواجدون فيه، ويبتكرون ألعاباً مما يتوافر بين أيديهم، بغض النظر عن طبيعة اللعبة. لكن ذلك لا يحصل إلّا بعد مرحلة التأقلم مع المكان الجديد وظروفه، وشرط توفّر الأمان والراحة النفسية ، إضافة إلى تلبية حاجاتهم الأساسية. 
وبحسب ضومط، "يُعتبر اللعب من أنشطة الطفولة الأساسية التي تنمّي قدرات الطفل العلائقية والاجتماعية والإدراكية والمعرفية، فيكتسب خبرات ضرورية من خلاله. لذلك، من الطبيعي ان يتأثر الطفل سلباً، وتتأثر شخصيته في حال عدم اللعب على النحو الطبيعي المفترض. وفي مراحل لاحقة من حياته، قد يبحث ذلك "الطفل" عمّا يعوّض عن هذا الحرمان".

لكن بالنسبة للأطفال اليوم، تشير ضومط، إلى أن لعبة الحياة كلها قد تغيّرت في ظل ظروفهم الحالية. لقد انسلخوا عن بيئتهم وأماكن آمنة طالما عاشوا فيها. حتى أن اللعبة بذاتها تشكّل بالنسبة للطفل عادةً مصدر أمان يتمسك بها في كل لحظة لما لها من رمزية. فقد تحمل اللعبة أسرارهم ومشاعرهم وذكرياتهم، وتعني بالنسبة لهم الإلفة والانتماء والأمان.

وتضيف ضومط، "نرى اليوم أطفالاً نازحين يحملون معهم لعبة معينة يجدون فيها الأمان الذي فقدوه بسبب الحرب والنزوح. هي تعني لهم الكثير. فاللعبة التي يتعلق بها الطفل تخفف عنه إلى حدّ كبير ، وهو يرمي عواطفه عليها".

 

الأهل بوصفهم ملاذاً آمناً

في مراكز الإيواء، وحدهم الأهل باستطاعتهم مساعدة الطفل في التأقلم مع المكان الذي يتواجد فيه بشكل موقت، كي يعيش هذه المرحلة بشكل أفضل. وليس المطلوب من الأهل الكذب أو إخفاء الحقيقة والإنكار، بل التركيز على الطفل والاستماع إليه. وبذلك قد يتوصل الأهل إلى التخفيف من الأذى الذي يتعرّض له الطفل نتيجة الصدمات والخسائر. ومن المهم أيضاً تزويد الطفل بالأمل حتى يشعر بالراحة النفسية. وإذا توفر الأمان والراحة النفسية، يلعب الطفل تلقائياً بما يتوافر له من الألعاب، بغض النظر عن طبيعتها وعددها.  
بحسب ضومط، لطالما شعر الأطفال بالسعادة في أزمنة مختلفة، في حال توفرت لهم الراحة النفسية والاحتضان من  الأهل والمحيطين بهم، وهم مصدر الأمان الذي يبحثون عنه. 

ويصعب عدم الإشارة إلى أن الحرب ظالمة بالنسبة إلى الأطفال. 
وليست المشكلة في وسائل اللعب التي يعتمدها الطفل، أيّاً كانت، بل إنها تتمثل في السعي إلى الحدّ من القلق الذي يعانيه، إذ قد يظهر ذلك في أعراض من الأرق والخوف والعزلة وصولاً إلى حدّ الشعور بالاكتئاب.

 

مساعدة الطفل على اللعب بأي وسيلة كانت

 

- يجب الاستماع إلى الطفل والمشاركة في اللعب معه ومساعدته في تفريغ الطاقات والمشاعر التي لديه بأي وسيلة كانت. وقد يجد الطفل صعوبة في تفريغ مشاعره تلقائياً، خصوصاً أنه يمرّ بظروف يصعب عليه استيعابها، ويرى مشاهد قتل ودمار تفوق قدرته على التحمّل. لذلك، هو يحتاج إلى مساعدة لتفريغ هذه المشاعر.
- يمكن الاستمتاع بتمثيل أدوار مع الطفل من دون قمع أو ضوابط، كي يعبّر بحرية عمّا يشعر به ويُخرج كل ما في داخله.
- يمكن اللجوء إلى الرسم مع ضرورة تشجيعه على تفسير  ما رسمه بالكلمات.
-يمكن الرقص والغناء وممارسة الرياضة معه ليحوّل الطفل الطاقة السلبية إلى طاقة إيجابية.

الأكثر قراءة

لبنان 12/4/2024 10:55:00 AM
قررت محكمة فرنسية في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي وضع نهاية في 6 كانون الاول (ديسمبر) الجاري لأكثر من 40 عاما أمضاها لبناني اسمه جورج ابراهيم عبدالله في سجن بمنطقة جبال "البيرينيه" الفاصلة بين فرنسا وإسبانيا، هو "لانيميزان" البعيد 120 كيلومترا عن مدينة تولوز، والسماح له بمغادرة الأراضي الفرنسية يوم الجمعة المقبل، وقد أصبح عمره 73 عاما.

اقرأ في النهار Premium