الدرس الذي لم يتعلّمه الطغاة
د. رمزي أبو إسماعيل
لم ينهر "محور المقاومة" لأنّ إسرائيل قوية. ولم يسقط بشار الأسد بسبب تركيا أو بسبب مؤامرة صهيو-أميركية. نعم، قد تكون هذه الأطراف عوامل مسرعة، لكنها ليست السبب الحقيقي. الحقيقة التي يتجاهلها الطغاة دائماً هي أنّ سقوطهم يبدأ من الداخل، من سياساتهم القمعية وجهلهم وغرورهم الذي يتجاوز حدود المقبول لأيّ أحد مهما بلغت درجات الخوف.
الطغاة يعيشون في وهم الإلهية. يظنون أنهم يستطيعون أن يلعبوا دور الإله، أن يفرضوا إرادتهم على شعوبهم بلا حساب، وأنّ أيّ شخص يعارضهم سيفشل لأنّه يواجه قوّة "إلهية". لكنّ الواقع يعاكس هذا الوهم؛ فالطغيان دائماً يسقط، والحرية دائماً تجد طريقها، حتى لو كان ذلك عبر تحالفات مع الشيطان نفسه.
منذ اللحظة التي قرر فيها بشار الأسد مواجهة شعبه بالسلاح بدلاً من الإصلاح، ومنذ أن قررت ميليشيات "حزب الله" من لبنان حتى اليمن توسيع سلطتها بالقوة والتهديد بدلاً من احترام التعددية، بدأ العدّ التنازلي لانهيار هذا المحور.
الدرس الذي لم يتعلّمه الطغاة هو أن الشعوب لن تقبل بالاستبداد إلى الأبد. نعم، قد يصمتون لسنوات، قد يتحملون القهر والظلم، لكنّ اللحظة تأتي دائماً، اللحظة التي يقولون فيها: كفى.
الحرية ليست رفاهية، إنها ضرورة، وغريزة إنسانية لا يمكن قمعها إلى الأبد. الشعب السوري لم يخرج ضدّ الأسد بسبب مؤامرة خارجية، بل بسبب عقود من الظلم والاضطهاد. واللبنانيون لم يتعبوا من هيمنة "حزب الله" بسبب إسرائيل، بل لأنّهم يرفضون أن يتمّ استخدام وطنهم كأداة لخدمة مشاريع إقليمية على حسابهم.
الطغيان لا يدوم. هذه الحقيقة التي تثبتها كتب التاريخ مرة بعد مرة. لكن يبدو أنّ الطغاة لا يقرأون التاريخ.
نبض