ريمون مرهج
في أعماق كل منا معركة دائمة ما بين الشر والخير. معركة لا تتوقف. مسرحها جسدنا ونقطة انطلاقها دوماً فكرنا وذخيرتها مشاعرنا.
حينما ننعم في سلام النفس يكون كل أمر هادئاً فينا، نشعر بالأمان والرضا، نكتفي بما لدينا وتزهر في أفئدتنا أعمال الخير والقيم من: المحبة والصدق والطهارة واتزان النفس، لكن حينما تواجهنا رياح اليأس والبؤس، الغضب والتجريح في روحنا، الأحزان وكسر الخواطر، ظروف العيش القاسية والملل القاتل، عندها ننجرف نحو ما نعتبره راحة لنا، بعد كل هذا التعب النفسي يتدخل الشر فيزرع في عقولنا الاستسلام والإنجرار نحو الملذات والشهوات، نحو ما يدغدغ أحاسيسنا وغريزتنا حيث نشعر بفرح مزيف وسعادة كاذبة تجعل الفكر يأمر بالحصول عليها فيُعمي بَصيرتنا من النتائج المحتمة بعدها. فمثلاً من الممكن أن ينهار شخص بعد فراق الحبيبة أو خيانته فيغدو يائساً محطم الروح، مهزوماً فيلتجئ إلى طلب الراحة وفهم همومه ولو على حساب كرامته ومبادئه فيغدو مجنوناً ويقدم كل ما لديه من تنهدات ومشاعر إلى أول شخص سيئ يلتقي به، يسايره ويمدحه فيعجب به ويصدق أكاذيبه حتى يرمي كل أوجاعه وأحزانه أمامه فيأخذه إلى مسار خاطئ لا ينتبه له في بداية الأمر وحينما يدرك مكائده وسيئاته يكون قد انغمس معه وغرق في أوحاله. وعلى غرار هذا المثل هناك أمثلة غيره منها مادي حيث خسر رزقه أو معنوي حيث تعرض للتنمّر والتجريح، وأمور كثيرة أخرى تواجه الإنسان وتصيبه في الصميم.
نتيجة لما استجد به يصبح ضائعاً، فاقد الأمل في الرجوع إلى الوراء حيث كان قبل أن يبتلي بكل المصائب والشرور يحيا بسلام ورضا كبيرين كما يغدو خائفاً من النهوض مجدداً ومن اللجوء إلى الله والتوبة لما أضحى عليه حاله، فيكون الهروب من واقعه المستجد هو أسهل عليه من المواجهة، ويتماشى مع يأسه وانكساره فيكون الشر قد انتصر عليه وغلب روحه، ولكن إن عاد بعزيمة وثبات وانتفض على واقعه السيئ فيحطم الحواجز التي تبعده عن كيانه كإنسان حر، محب للحياة ومحترم في العالم، حينها يكون الخير فيه قد ظفر ونجح في أعماق روحه.
لنعلم دوماً أن الرب يحبنا ويحمي أبناءه ويدبر أمرهم ولكن علينا أولاً أن نبادر ونطرق بابه ونناديه فيمد يده بشتى الطرق ويساعدنا وينجينا من كل شر وأذى لنفوسنا.
نبض