النهار

رسائل الإمارات لقمة الكويت
المصدر: النهار
الصيرورة التاريخية ستمثل أكبر تحدّيات قمة الكويت في الأول من كانون الأول (ديسمبر) المقبل، لذلك عليها أن تكون خليجية أولاً وخليجية ثانياً وخليجية ثالثاً، فالتاريخ السياسي الاجتماعي يحثنا على التطور أو القبول بنظرية الاضمحلال، فالأمم بقياس إراداتها وتحدّياتها.
رسائل الإمارات لقمة الكويت
الأمم بقياس إراداتها وتحدياتها
A+   A-

عبدالله الجنيد

المشهد شرق أوسطياً مزدحم بالقمم والملفات، العتيق منها والمستجد، إلّا أن القمة المقبلة لدول مجلس التعاون في الكويت، يجب أن تبقى خليجية أولاً مهما بلغت المسؤوليات أو التوقعات الإقليمية والدولية. 

المجلس عبر تاريخه مرّ بخمس محطات رئيسية: أولها التأسيس وتجاوز تحدّيات الحرب العراقية- الإيرانية. ثانيهما، إدارة التباينات الخليجية ما بطن منها وما ظهر، بما في ذلك أزمة المقاطعة الاحتوائية لقطر. ثالثها، الانهيار المالي العالمي في 2007. رابعها تبعات 2011 ودعوة الملك عبدالله للانتقال من حالة التعاون إلى الاتحاد. أما خامسها، فقد تجلّى في ما مثلته وما زالت تمثله الأزمة اليمنية من تحد للأمن القومي لعموم جغرافيا شبه الجزيرة العربية.

خلال زيارة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد لدولة الكويت، عرّج في كلمته المفتوحة أمام صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الصباح على دعمه لضرورة تطوير مفهوم "الاتحاد"، ربما استناداً لما تحقق من إنجازات ليست محصورة بنموذج مجلس التعاون بل متصلة بتوحيد شبه الجزيرة العربية على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ووصولاً لتأسيس المغفور الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأخوته حكام الإمارات لاتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة.
النموذجان قدّما واقعاً وتحولاً في مفهوم وفلسفة الدولة والحكم، وكان لثقلهما ضمانة استقرار الجغرافيا السياسية وهويتها العربية، وليس فقط التجربة المشتركة والمتمثلة بمجلس التعاون لدول الخليج العربية.

النظرة الإقليمية والدولية لتجربة المجلس تتعدى من حيث المنظور مسؤولياته تجاه الأمن الإقليمي وضمانات استقرار أسواق الطاقة، أو ما يمكن أن يطلع به المجلس من دور متقدّم بعد فوز الرئيس ترامب بعهدة ثانية، وما قد ينعكس على عموم الملفات الشرق أوسطية المُرحّل والحاضر منها. غزة، لبنان، تفعيل عودة سوريا للحضن العربي وما قد يمثله ذلك من توازن نسبي في محركات تفاصيل أزمتها، وما قد يقدّمه من دعم لرؤية قد تؤسس لمخارج قابلة للاستدامة. وستبقى أخرى مثل التوافق المشترك لمفهوم عملي لاحتواء إيران، وليس فقط طموحاتها النووية عسكرياً. كذلك تناول دور متقدّم في أمن القرن الإفريقي والشراكات الاستراتيجية المحتملة في تنمية إفريقيا.

ما تقدّم يستوجب منا العودة له مرّة أخرى عبر هذا السؤال: خارج إطار السياقات التاريخية لهذه التجربة اجتماعياً وسياسياً، ما هو المنظور المستقبلي لها؟ وإن تعذّر الانتقال لمرحلة الاتحاد، فما هي ضمانات صمود الجغرافيا السياسية في وجه التحدّيات المستقبلية؟

سبق خطاب سمو رئيس دولة الإمارات أثناء زيارته للكويت، أن أعلنت الإمارات عن رفع سقف المواطنة الخليجية عبر التمكين الاقتصادي والاجتماعي لها عبر التشريع والتقنيين. أما إعادة التذكير بفكرة الاتحاد، فذلك مشروع يمكن تحفيزه عبر مشاريع ممكنة مثل عُملة رقمية خليجية، تمهيداً لإطلاق عُملة خليجية موحّدة معززة لقيمة السوق الخليجية من مناظير عدة، لن يكون آخرها ممر الهند الاقتصادي إلى أوروبا.

الصيرورة التاريخية ستمثل أكبر تحدّيات قمة الكويت في الأول من كانون الأول (ديسمبر) المقبل، لذلك عليها أن تكون خليجية أولاً وخليجية ثانياً وخليجية ثالثاً، فالتاريخ السياسي الاجتماعي يحثنا على التطور أو القبول بنظرية الاضمحلال، فالأمم بقياس إراداتها وتحدّياتها.

 

اقرأ في النهار Premium