السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

"الدواعش يعيشون بيننا"... ثورة بأوساط نشطاء الرفق بالحيوان في مصر

المصدر: "النهار"
القاهرة- ياسر خليل
A+ A-
ولعبت الصور ومقاطع الفيديو دوراً محورياً في إثارة هذه الضجة، ما استفز العديد من المواطنين، ودفعهم إلى إعادة مشاركة التدوينات، مصحوبة بعبارات غاضبة وسباب صريح ضد مرتكبي هذه الأفعال العنيفة، وعلّق البعض بقوله: "إن الدواعش يعيشون بيننا".

ومن بين أبرز الصور التي تم تداولها على نطاق واسع خلال الساعات الماضية، وأثارت ردود فعل غاضبة: كلب تمّ طعنه بسكين في ظهره، وتُرك النصل مغروساً فيه، وقطة حامل بُترت إحدى ساقيها الأماميتين، وتركت ملقاة على قارعة الطريق، عاجزة عن الحركة، إضافة إلى قطة أخرى وضعت صغارها للتوّ، إذ وُضع لها السمّ فماتت وتركت قططها الرضيعة في الشارع.

ولم تنجُ الحمير من الغدر، حيث ناشد أحد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي المهتمين بالرفق بالحيوان، إنقاذ ثلاثة حمير مريضة، أحدها كسرت ساقه وقد سرّحها أصحابها وتركوها دون طعام أو مأوى على أول طريق محافظة الفيوم، بعدما باتت غير مفيدة. كما عادت جمال سوق برقاش التي تتعرّض للضرب المبرح والتعذيب، إلى الواجهة، بعدما أُطلقت حملة تصوير لإنقاذها.

اضطراب نفسي

يقول الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي لـ"النهار": "إلى جانب هذه المشاهد المروعة المنتشرة على الإنترنت، رأيت بالأمس مقطع فيديو يظهر فيه كلب يتعرض لضربات متتالية على رأسه بعصى غليظة".

هذه الأفعال العنيفة، حسبما يرى الأستاذ الجامعي، "ليست كما يتصور البعض أنها تفريغ لطاقة غضب لدى من يقوم بها، ولكنها مؤشر على اضطرابات نفسية بدأت تنتشر بين أفراد المجتمع، كما أنها تعبّر عن انهيار للهوية بدأ يتجلى في مصر، والمنطقة العربية بشكل عام".

ويضيف الخبير النفسي: "العنف الذي يرتكب ضد الحيوانات هو أحد تجليات انهيار الهوية الثقافية الذي يتعرض له المصريون، وقد اتضح هذا بشكل جلي في أعقاب ثورة 25 كانون الثاني 2011، حيث بات الناس يتحدثون بحرية أكبر من ذي قبل. هناك عنف أكثر من ذلك يحدث في بعض دول الخليج، لكننا لا نسمع عنه، لأن الناس لا تتحدث علانية، نحن نكتشف هذا حين نتكلم مع مرضانا في العيادات، ونكتشف أن هناك انهياراً كبيراً في هويتنا".

"العنف ضد الحيوانات جزء من المشهد الكلّي، لقد بتنا نرى اعتداءات وعمليات قتل من الأبناء ضد الآباء، ومن الآباء ضد الأبناء" يقول فرويز.

ويتوقع "أن هذا العنف سوف يتزايد، وسنشهد ظواهر أخرى غير معتادة في بلداننا، مثل تزايد الإلحاد بمعدلات تفوق توقعاتنا، وارتفاع معدلات المثلية الجنسية، كل هذا نتيجة طبيعية لانهيار هويتنا الثقافية".

على السلطات التحرك

من جانبها، تقول النائبة البرلمانية المصرية الدكتورة إليزابيث شاكر لـ"النهار": "قضايا الحيوان في مصر بالغة الأهمية، ولها وجوه عدة، إن أعداد الحيوانات المشردة تتزايد بصورة غير طبيعية، وباتت تهدد الناس في الشارع، وبالتالي فإن ما يحدث هو ردة فعل عنيفة من قبل بعض المواطنين ضد هذه الحيوانات".

وتضيف النائبة: "الكثير من المصريين يتألمون لألم الحيوان، وهناك من قاموا بتكوين مؤسسات أو مجموعات لرعاية الحيوانات وإنقاذها وتقديم العلاج لها، وهذا أمر طبيعي، لأن كل أديان المصريين تحضّهم على الرفق بالحيوان".

"رغم هذا (الجهد المجتمعي) لا بد أن تتحرك الحكومة وتجد حلاًّ لهذه الأزمة" تقول شاكر، "فهذه الحيوانات، وخاصة الكلاب، تهاجم المواطنين في الشوارع وتعقرهم، وبات الطلب على الأمصال الخاصة بعضة الكلب يفوق قدرة الحكومة على توفيرها، وبعض المواطنين يتوفى نتيجة عقر الكلاب لهم. على سبيل المثال، بالأمس، مات مواطن من عضة كلب في محافظة أسيوط، وهذه حالة من بين حالات كثيرة لا يذكرها الإعلام ولا نسمع عنها".

وترى النائبة البرلمانية "أنه رغم تألمنا لألم الحيوان، لا بد أن نؤكد أن الإنسان مكرَّم على بقية المخلوقات، وله الأولوية في حياة آمنة، ولا يجب أن تكون حياته مهددة من الحيوانات المشردة في الشوارع. ومع هذا لا بد من حلّ يحمي هذه الحيوانات من الاعتداء، فنحن لا نقبل تعرضها لأي أذى".

الحلّ الذي كانت الحكومات السابقة تطبقه، حسبما تقول عضو مجلس النواب المصري، "هو قتل تلك الحيوانات، وهذا الحلّ لم يعد مقبولاً. كما أن منع الحيوانات من الإنجاب بتعقيمها مكلف للغاية، ويصعب على الدولة تحمل أعبائه المالية، لهذا لا بد من الوصول إلى حلول عاجلة وسريعة حتى تنتهي هذه الأزمة".

النشطاء يتحركون

وفيما أثارت المشاهد المصوّرة ضجة كبيرة، وخلقت حالة غضب في أوساط المواطنين، بدأ بعض نشطاء الرفق بالحيوان التحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بين العديد من الحيوانات التي تعرضت للأذيّة.

وقالت شيماء الجنايني الناشطة في مجال الرفق بالحيوان، إن "الكلب الذي تعرض للطعن بسكين في ظهره، وصل (قبل ساعات) إلى مؤسسة حماية الحيوان بعد علاجه على يد أحد الأطباء المتخصصين". ونشرت صوراً لعملية العلاج على غروب "أنقذ روح حيوان بريء" على موقع "فايسبوك" والذي يضم أكثر من 300 ألف عضو.

وعلى جانب آخر، أعلنت المصورة الفوتوغرافية مروة فودة على صفحتها الشخصية بموقع "فايسبوك" عن انطلاق حملة صور لإنقاذ جِمال سوق برقاش بمحافظة الجيزة.

وقالت فودة معلّقة على عدد من الصور التي نشرتها إيذاناً بانطلاق الحملة: "سوف نرى من خلال الصور مدى معاناة الجمال، فمنهم من له نظرة حزن، ومنهم من يعترض على سوء المعاملة من خلال الصيحات، والدموع التي في أعين الجمال، والدماء التي تسيل منهم".

وأضافت: "سوف نكمل الحملة من خلال صور أخرى في تدوينة أخرى، لعل صوتنا يصل لمن يهمه الأمر، لإنقاذ هذا الحيوان".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم